ثقافة

مخطوطات تاريخية ومقتنيات أثرية في جنـاح مكتبــــة الأســــد بدمشــق

تحتفل دمشق بمعرض الكتاب في مكتبة الأسد بدمشق، هذا المعرض الذي تعود بداياته لسنة 1985 أي بعد عام من تدشين المكتبة ليتوقف عام 2012 إلى 2016 بسبب الأزمة التي عصفت بالبلاد، وما يميز دورة هذا العام عن العام الماضي التي أطلق عليها القائمون في الدورة التاسعة والعشرين اسم “الاستمرار” هي مشاركة 150 دار نشر من عربية وأجنبية رغم غياب معظم دول الخليج والمغرب العربي باستثناء دار سعودية واحدة هي دار جرير، بينما شاركت مصر ولبنان بتمثيل بعض الشركات عنها والعراق وفلسطين والأردن إضافة إلى إيران والدانمارك، كما شاركت دور نشر حكومية مثل الهيئة العامة للكتاب واتحاد الكتاب العرب.

وقد وضع المشاركون في المعرض مخزونهم المعرفي ضمن الفناء الخارجي الذي يتوسط المكتبة ليتاح للجميع حمل الكتاب وتقليب صفحاته وتصفح معلوماته عل البعض يستطيع شراء ما يأمل، لكن الأغلبية كانت تعيد ما أعجبها للرفوف بسبب غلاء الأسعار لمعظم الكتب، والأغلبية تفضل أن تشتريها بسعر اقل من خارج المعرض على بعد شارعين فقط في الأيام العادية.

ولفتة جميلة استوقفتني قبل الدخول من باب المعرض.. طفلة صغيرة تركض تاركة يد أهلها ثم تقف فجأة وتصرخ معربة عن فرحها وذهولها بالمنظر وتقول: “شي حلو..رح اشتري كتير قصص”.. كانت تلك الفتاة فرحة جدا بما تراه، بعدها بقليل دخلت فتاتان في عمر العشرين، واحدة سألت الأخرى بنوع من الاستغراب: “لم أتوقع أن أرى الكثير من الزوار هنا، وأن الناس يهتمون بالمجيء إلى هكذا نوع من الفعاليات؟!، فردت صديقتها ضاحكة: لم الاستغراب هل تعتقدين بأنك وحدك المثقفة ومن تحب القراءة.

زوار المعرض كثيرون من مثقفين وفنانين وناس عاديين اعتبروا زيارة المعرض حالة من الألفة المفتقدة لسنوات ست توقف فيها المعرض بسبب الحرب، وأطفال صغار أيضا وقفوا حائرين إن كانوا يستطيعون أن يشتروا اكبر قدر من الكتب التي رأوها جميلة، وقد أغرتهم الألوان بغض النظر عن المضمون، لكن الملفت أن الطابع الديني كان الغالب على كتب الأطفال، والأسوأ من ذلك هو التمييز بين الفتيات والصبيان في قصص تعليم السلوكيات والمتواجدة على رفوف المكتبات.

ولم يقتصر دور مكتبة الأسد على احتضان المعرض فقط، بل كان لها أيضا مشاركة أخرى عبر جناحها الخاص بها، توافد إليه الكثير من الزوار لرؤية ما فيه من أشياء جميلة وتاريخية، حيث عرضت المكتبة جزءاً من مقتنياتها، كالعملات الورقية والنقدية القديمة منها والحديثة، ومخطوطات قديمة ونادرة بخط اليد ومنحوتات أثرية ولوحات فنية، وتعريف ببعض المؤلفين وصحف ومجلات سورية قديمة من جميع المحافظات، مثل: “فتاة الشرق والعروس لماري عجمي من عام 1910 وحمص والشهبا” كل منها تدل على منطقتها والمرحلة التي صدرت فيها.

كما كان للفنانين حصتهم، حيث أهدت ابنة فنان الشعب “أبو صياح” الفنان الراحل رفيق سبيعي لباسه “الزي الشعبي” الذي عرف به إلى مكتبة الأسد، وأيضا الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي “أبو كلبشة”، حيث حاول القائمون من خلال هذه اللفتة أن يعطوا صورة جميلة عن هذين العملاقين، وسمحت للأطفال بالتقاط الصور بجانب تمثاليهما الموجودين بجانب كل طاولة خاصة بمقتنيات الفنان، من كتابة لنصوص العروض التي كانوا يقدمونها أو البرامج الإذاعية الخاصة به ولهذه البادرة ميزة جميلة لتعريف الأجيال الجديدة على شخصيات فنية تمثل جزءاً هاماً من تاريخنا السوري العريق لم يتسن لهم التعرف عليه.

ولا مجال للمقارنة بين ما كان عليه المعرض في دوراته السابقة ودورة هذا العام، سواء من حيث الظروف، أو من حيث تنوع المعروضات، لكن تكفي المبادرة ويكفي أن نقوم بخطوة ولو كانت صغيرة أو غير مكتملة فقط لنقول بأننا هنا.. وبأننا مازلنا نقرأ ونعيش ونعطي للعالم صورة أجمل عن سورية رغم الحرب، فطائر الفينيق بدأ ينفض رماد السنين عنه لينطلق من جديد.

علا أحمد