ثقافة

أهلاً بزوّار دمشق

أمينة عباس

ليس جديداً على دمشق أن تعجَّ بحركة دؤوبة من قِبَلِ الفنانين العرب الذين يقصدونها اليوم كما قصدوها في الماضي، فدمشق كانت دائماً الوجهة التي لا يخطئها المبدعون أينما اتجهوا وكيفما توجهوا.. وتخبرنا عشرات أعوام مضت وقبل نشوء صالات السينما وانتشار البث التلفزيوني بشكله المحدود، ومن ثم الواسع كيف كانت الفرق الفنية الغنائية والمسرحية تفد إلى سورية من لبنان ومصر وغيرهما، وكيف كان الفنانون السوريون يحتكّون بتلك الفرق فيستفيدون منها ويفيدونها بتجربة لا تقل عراقة عن تجربة تلك الفرق التي أسس لها رائد المسرح والموسيقا والرقص في البلاد العربية أحمد أبو خليل القباني.. وفي مرحلة لاحقة وبعد الانتشار والتواجد الذي حققته إذاعة دمشق عربياً كان لا بد للفنانين العرب من تكثيف زياراتهم إلى سورية بهدف الزيادة في الانتشار والفوز بجمهور أوسع لا على صعيد الكمّ فحسب بل وعلى صعيد السوية والذائقة الفنية نظراً للسمعة الجيدة التي اكتسبها الجمهور السوري بين أقرانه العرب بسبب سويته الفنية والذوقية العالية، فكان الفنانون العرب واثقون من أن نجاحهم في سورية يعني نجاحهم في باقي الأرض العربية، وقد تضاعفت وتيرة حركة الفنانين العرب إلى سورية بعد العام 1960 عام تأسيس التلفزيون السوري الذي يحتفظ أرشيفه اليوم بعشرات الحفلات التي شارك فيها فنانون عرب لا حصر لعددهم أو حتى لأسمائهم، وفي السبعينيات ومع ازدهار حركة الإنتاج السينمائي على صعيد إنتاج القطاع الخاص تحديداً، توافد الفنانون العرب إلى سورية للمشاركة في هذه الأفلام إلى جانب كبار نجوم الدراما لدينا، وهو الأمر الذي تكرر مع التسعينيات وما بعد عندما ازدهرت صناعة الدراما التلفزيونية السورية.
واليوم ومع العودة المتجددة لمعرض دمشق الدولي ها هي دمشق تزدهي بزوارها المبدعين العرب سواء الذين سيشاركون في الفعاليات الفنية للمعرض أو من الضيوف المدعوين، ولا بد لنا هنا من أن نؤكد على أن هذه الزيارة تكتسب أهمية مضاعفة لا لطبيعة المشاركة فحسب، بل لمعناها الممتد والمتجاوز حدود الفن والثقافة والإبداع إلى حدود الاقتصاد والسياسة، ولا شك أن ضيوف دمشق من الفنانين العرب يستحقون منا التحية لأنهم ولا شك سبحوا عكس التيار السائد ثقافيا وإعلامياً اليوم في عالمنا العربي، التيار الذي يسيطر عليه المال النفطيّ.
أهلاً وسهلاً بكم في دمشق.