ثقافة

درس في الواقعية “الناشفة”

تمّام علي بركات

ما أحبه في الزوايا الأسبوعية أن فكرتها دائما موجودة، ولن يتغلب أي صحفي مثلي ومثل زملائي في الصحف الأخرى بالمعاناة مع فكرة هذه الزاوية أو تلك، فنحن والحمد لله موجودون في المكان الذي تترامى فيه الأفكار على بعضها البعض قبل أن تتكوم على قارعة الطريق، وهذا ليس جديدا- أي تكومها على الأرصفة-، فهي كذلك منذ القدم، كما حدث أيضا ووصفها “الجاحظ” بكونها “ملقاة على قارعة الطريق”، وفي هذا خير كثير لنا، خصوصا وأن الأفكار كما أسلفت هي من ترمي نفسها علينا لا نحن من يذهب ليفتش عليها.. طبعا دعكم من القيمة المادية للموضوع، فسعر الكلمة لمّا يزل ولمّا يفتئ ولمّا يبقى مواظبا على قيمته المادية العجائبية التي هو عليها، وهو ملفٌ يجب على اتحاد الصحفيين العمل عليه، باعتبار أنه – أي الاتحاد- في الحالتين الرابح إن ارتفعت قيمة الكلمة الصحفية ماديا، بعد انحدارها معنويا، فهو يقتطع ما له من أجرة المقال سواء كان كاتبه من أعضائه أم لا، وسواء كان الكاتب، مستكتبا عابرا أم مقيما، لا فرق، فليفكر في الأمر. المهم أننا لن نحتار في إيجاد فكرة لزاوية أسبوعية نتحدث فيها عما هو راهني خلال الأسبوع الذي مرّ، وهذه تعود لكل صحفي أو كاتب وما هي النقطة التي يريد إلقاء الضوء عليها، فما هي يا ترى الخيارات المطروحة علينا في هذا الأسبوع الحامي الوطيس؟ ومن أين نبدأ وكيف ولماذا، بالنسبة لـ من أين نبدأ وكيف، فهذه محلولة، ولكن ال “لماذا” تلك هي القضية! التي لن نناقشها الآن، باعتبار أنها قضية أزلية، دائمة، ولكن لنرَ الأفكار التي كانت مرمية على الرصيف في هذا الأسبوع، بالنسبة لي، فاجأتني تلك الرفاهية الملكية التي تحيا بها السيدة “سيلين ديون”! بعد أن بثت إحدى القنوات هذا الأسبوع، فيلما وثائقيا عنها يحمل اسمها، إنها محاطة بجيوش من الموظفين أينما حلت، وقام في استقبالها في حفلاتها العالمية أهم الشخصيات السياسية العالمية، من زعماء وقادة دول، عدا عن الطائرات الملكية التي توضع في خدمتها، يعني شيء لا يوصف فعلا، هذا الترف وهذا البذخ في الحياة التي تبدو وكأنها من ملكيّة العصور الوسطى بأبهتها وفخامتها، ورغم كل ذلك، المسكينة مكتئبة، فالفيلم عرض لوفاة زوجها أيضا، وكيف كان وقع رحيله عنها محطما نفسيا.
هذا مثلا أول ما استرعى انتباهي من الأفكار الملقاة على قارعة الطريق، “ليس المهم أن تكون ثريا لتكون سعيدا”، فحمدت الله كوني لست ثريا وأنني حسب الفكرة ربما أكون والكثير منكم من السعداء!.
أيضا كان لافتا رفض السلطات البريطانية منح المطرب السوري “الحسكاوي”  إبراهيم كيفو تأشيرة دخول إلى بريطانية، للعزف في واحد من المهرجانات العالمية التي تقام فيها، بسبب (افتقاده للمهارات اللازمة) كما جاء في بيان تلك السلطات!، “كيفو” ردّ على هذا السبب المهين، بكونه يحب هذا البلد “الجميل” ويريد أن يغني فيه فقط!، ولا أعرف كيف ل “كيفو” أن يرى بلدا مُنعَ الدخول إليه جميلا، خصوصا لسبب واهٍ كالذي أوردته السلطات البريطانية، فهو بنظرها ليس أكثر من شخص يعزف ويغني، وهذا لديهم منه الكثير!، فما الذي يميزه عندهم؟ عليه أن يأتي بإثبات بعد كل هذا العمر في الفن!.
هذا ما جلبته لنفسك يا “كيفو” “فعدو جدك لن يودك” الفكرة الثانية التي كما أسلفت وجدتها على الرصيف.
بالنسبة للفكرة الجديدة، لا زلنا في منتصف الأسبوع ولا ريب سأحظى بها، حتى “الويكند”، ولكن أنتم هل لفتكم شيء آخر، فاتني أن انتبه إليه يا سادة يا كرام؟.