ثقافة

بعد الانتهاء من تصوير “حواس” حسام شرباتي: طرح جديد شكلاً ومضموناً

انتهى المخرج الشاب حسام شرباتي بمشاركة مجد سعود تأليفاً وإخراجاً من تصوير فيلمهما “حواس” وفيه ينطلقان من حكاية المخرج قصي الذي لا يزال يعيش في ماضيه ومع حبه الأول ليكون للحرب وانعكاساتها الأثر المباشر على شخوص الفيلم الذي اضطلع بتجسيد شخصياته مأمون خطيب ولين غرة والطفل شادي جان مع ظهور خاص للفنان محسن عباس بالإضافة إلى يزن مرتجى ومحمد مرادي.

في زمن الحرب
ويبيّن شرباتي أنه وسعود حاولا من لحظة البدء بكتابة السيناريو أن يقدما طرحاً جديداً على مستوى الشكل والمضمون، فالفيلم تدور أحداثه في زمن الحرب دون أن تكون حاضرة بمفهومها المادي حين تلقي بظلالها على وجدان شخوص الفيلم المعزولة والمتألمة والتي تعاني داخلياً من إرهاصات هذه الحرب، منوهاً إلى أن خصوصية الفيلم تنبع من خيارهما بالنزول إلى الشارع وتفضيل خيار أن يسجلا شريطهما السينمائي في أماكن خارجية راصدين من خلال الكاميرا المعاناة من عمقها الأول ويأملان أن يكونا قد نجحا بذلك، مشيراً شرباتي إلى أن في جعبته ثلاثة أفلام سبق وأن قدمها ضمن مشروع سينما الشباب وهي “السوناتا الأخيرة” 2013 بطولة أسامة حلال ولارا سعادة وسوزانا الوز وظهور خاص للفنان يزن السيد، وكان أول فيلم قصير له مع المؤسسة العامة للسينما ومشروعها لدعم سينما الشباب فيلم صامت يطرح ثنائية الحب والحرب وكانت الموسيقا فيه شخصية رئيسية ومحركاً للحدث, تلاه فيلم “سليمى” 2015 وهو من بطولة جمال قبش ولمى الحكيم والطفلة لين صابر ليلان وقد حصل على فضية مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بدورته الثالثة والذي يقام سنوياً في دار الأسد للثقافة و الفنون، وينطلق الفيلم من رؤى وأحلام تنتاب الشابة سليمى والتي سبق وأن تعرضت لحادثة عنف أسري في طفولتها لتفقد على إثرها الذاكرة ولتعود لاحقاً محاولة البحث عن ماضيها المفقود واستقرارها النفسي، ليكون الفيلم الثالث له “بترا” الذي كتبت السيناريو له يارا شبيب وكان من بطولة لجين إسماعيل هبة وزهرة سارة بركة مع ظهور خاص للفنان مالك محمد وحصل على الجائزة البرونزية في الدورة الرابعة لمهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة.. وبالمحصلة فإن الأفلام الثلاثة برأيه تشكل وحدة من حيث الأسلوب والطرح، ففي هذه الأفلام مفهوم الزمن حاضر بقوة والمحرك الرئيس للحدث، وأيضاً فإن شخوصها يعانون بشكل مباشر أو غير مباشر من آلام الحرب على كافة مستوياتها، ويعانون كذلك من ذاكرتهم المتشكلة في تلك الظروف.

الزمن وثلاثية الأنثى

ولأن أبطال أفلامه الثلاثة شخصيات أنثوية يمكن تسميتها –كما يشير شرباتي- بثلاثية الأنثى والزمن، وقد أنجزها كمحاولة منه للفهم وللتعايش مع الواقع الذي تعيشه بلادنا انطلاقاً من إيمانه بأن السينما هي انعكاس مباشر للمجتمع وويلاته وآلامه ولا يمكن أن ننفصل بكليتنا عن هذا الواقع من خلال تقديم أعمال تطرح قضايا بعيدة عن تلك الآلام.
وكصانع لهذه الأعمال يرفض شرباتي تقييمها ولكنه يمكنه القول انه راضٍ عنها، خاصة مع الصدى والأثر الذي تركته في نفوس مشاهديها، وبالنسبة له هذا الهدف هو الأهم، وهذه الغاية الأولى، مع إشارته إلى أن حصول كل من “سليمى” و”بترا” على جوائز جعل التحدي والدافع أكبر لإنجاز أفلام أهم، مع قناعته التامة بأن الجوائز ليست هي من تحدد أهمية فيلم لأن التقييم الأول برأيه يأتي من الجمهور والنقاد، موضحاً أن من يتابع دورات المهرجان يدرك تماماً أن أفلاماً ذات مستوى عالٍ خرجت خالية الوفاض من الجوائز، لكن هذا لا يقلل أبدا من أهميتها، مع اعترافه بأن حصوله على الجوائز أسعده وأعطاه دافعاً أقوى للمضي على الطريق لتبقى السعادة الأكبر بالنسبة له لحظة عرض الفيلم على الشاشة الكبيرة وتقبّل الجمهور لهذه المادة، فذاك التقبّل يكون بمثابة الجائزة الأغلى.
ويؤمن شرباتي أنه بالإمكان من خلال أدوات بسيطة تحقيق شريط سينمائي مهم، فالأدوات برأيه ليست غاية بل هي وسيلة لتحقيق الفيلم، وبالتالي فالإمكانيات الضخمة لا تحقق بالضرورة فيلماً عظيماً، ومشروع دعم سينما الشباب يُنجَز ضمن شروطه وإمكانياته التي تقدمها مؤسسة السينما، وهنا يتوجه بالشكر لكادر المؤسسة، وبالأخص المدير العام مراد شاهين لإتاحة هذه الفرصة لتحقيق أفلام تعبِّر عن رؤى وهواجس السينمائيين الشباب دون شروط مسبقة، والمشروع برأيه أنجز أشرطة جيدة جداً وكشف النقاب عن عدد من الأسماء الشابة التي تحمل رؤية ومشروعاً.. من هنا يؤكد شرباتي أنه وانطلاقاً من العام 2012 وحتى هذه اللحظة أن المشروع تطور كثيراً، وهو مثل أي مشروع، له إيجابيات وسلبيات، لكن تبقى نبالة المشروع أكبر من أية سلبية وهي الأساس.

أمينة عباس