ثقافة

“مسرح الطفل” واقع هش ومستقبل غامض

لأن الطفل هو عماد الأسرة التي تشكل نواة المجتمع الأساسية والمهمة لأي تغيير أو تحديث في البنية الاجتماعية والثقافية لأي بلد، ولأن الأطفال هم أكثر المتأثرين بما يجري حولهم من تبدلات وتحولات عنيفة تطالهم من قريب أو بعيد، ولأجل المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق المسرح في احتواء هذه التبدلات وإيصالها للطفل بكل سلاسة وأمان ودون قيود، ألقى المخرج هاني محمد مدير مسرح الطفل سابقاً محاضرة بعنوان “مسرح الأطفال.. إلى أين؟!” في صالة المركز الثقافي العربي في اللاذقية، تطرق فيها إلى علاقة الطفل بالمسرح وأهمية هذه العلاقة ومستقبلها، وتأثير المسرح في حياة الطفولة، كما حملت هذه المحاضرة في طياتها مخاوف وتكهنات حاول المحاضر الإحاطة بها وإيصالها لعديد الجمهور الحاضر والمهتم بمسرح الطفل في سورية ومستقبله، فكانت هذه المحاضرة نقاشية حوارية استمع فيها المحاضر إلى تساؤلات واستفسارات الحاضرين ومخاوفهم، وأعطاهم إجاباته ورؤاه المستقبلية، ودق ناقوس الخطر حول مستقبل مسرح الطفل في سورية ومستقبله المجهول.
كما تحدث الأستاذ محمد عن أهمية مسرح الطفل، واعتبر أن حضور الطفل للمسرح  ﻳﻌﻄيه شخصية ﻗﻮﻳﻪ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﺘﺎﺑﻊ أحداثاً أمامه ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺮﺡ ﻭيأخذ أفكاراً تربوية واستقلالية تامة ﻋﻦ أهله ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻦ. ﻓﺎﻟﻤﺴﺮﺡ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ أهم ﻣﻦ أية جهة ﺗﺮﺑﻮﻳﻪ إن أحسن ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻘﻼً ﺑﺮﻳﺌﺎً ﺧﺎﻝٍ ﻣﻦ أية ﺟﺮﺍﺛﻴﻢ ﺍﺟﺘﻤﺎعية، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﻠﻖ جيلاً ﻧﻈﻴﻔﺎً ينعكس إيجاباً على المجتمع والعكس صحيح.
وبالإجابة عن سؤالٍ إن كان للحرب الدائرة في سورية تأثيرٌ على مسرح الطفل،  اعتبر أن الحرب أثرت بشكل مباشر، وأدت إلى ظهور فرق مسرحية تجارية عديدة يفوق عددها بأضعاف أعداد الفرق الرسمية وهذه الزيادة تنسحب على عروضها أيضاً، وهذه الفرق تتاجر بعقول الأطفال من خلال فقرات هزيلة تسيء للطفل وللمسرح، معتبراً أنهم بهذا يبنون جيلاً لا أخلاق فيه.
أما عن العروض الحالية التي تستهدف الطفل ورأيه فيها، فقد أكد أنه لا توجد فقرات مسرحية ليبنى عليها نقاش، وأن المسيطر الأساسي في هذه القضية هو المال بغض النظر عن جودة الأعمال المقدمة.
أما من المسؤول برأيه عن حالة الفوضى والضياع التي يعيشها مسرح الطفل اليوم، أكد أن المسؤول الأول والأخير في هذا التخبط هو الجهة المكلفة إعطاء الموافقات لهذه “الفرق التجارية” والسماح لهم بممارسة عملهم بغض النظر عن أي معايير ثقافية لهم، حيث أن أغلب أعضاء هذه الفرق بحسب تأكيد محاضرنا ذوي تحصيل علمي منخفض جداً، وليسوا من أصحاب الخبرات والمواهب، أو أعضاء نقابة.
“قد أكون متشائماً قليلاً ” بهذه الكلمات المقتضبة لخص الأستاذ هاني محمد رؤيته المستقبلية لمسرح الطفل في سورية، رؤية سوداوية، ومستقبل مقفر إذاً يتجه نحوه مسرح الطفل في بلدنا، يجعلنا نفكر حقاً ونتساءل لم كل هذا الإهمال لمسرح الطفل..! وهل دخل هو الآخر نفق اللامبالاة، وألا يكفي طفولة بلدنا ما جنته الحرب عليها من موت وتشريد حتى يدق مسمارٌ جديد في نعش براءتها!؟       أسئلة كثيرة تنتظر إجاباتٍ مفيدة كما ننتظر نحن أيضاً.
بثينة أكرم قاسم