ثقافة

رنا سليمان من على مسرح الأوبرا: الإرهاب لن يبدد الأمل في قلوبنا

تميّزت الأمسية التي قدمتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله بتقديم ألوان موسيقية متعددة للموسيقا الآلية من مقطوعات سورية وعربية ومن تجارب التأليف الموسيقي للشباب السوريين بحضور كبير للبيانو –إياد جناوي-، والتشيللو – محمد نامق- الذي قدم تجربة مميزة، أما مفاجأة الأمسية فكانت مع رنا سليمان المتخصصة بالغناء الشرقي على المسرح بغناء صولو”ياعيني عليك ياطيبة” بعد إصابتها برصاصة قناص أفقدتها القدرة على المشي، لتوصل رسالتها إلى العالم بأسره بأن الإرهاب لن يكسر الأمل في داخل كل سوري.
وتخلل الأمسية عرض فيلم تسجيلي صُوّر في حديقة الأوبرا، تحدثت فيه المغنية سليمان عن إصابتها عام 2011مما جعلها تترك المعهد العالي للموسيقا، ولم يكتف الإرهاب بما حدث لها إذ تتالت المصائب واستشهد أخوها الذي كان يشجعها على متابعة الغناء، وبعد ثلاثة أشهر توفيت والدتها، ورغم ذلك أصرت على العودة كي تثبت لجميع للإرهابيين بأنهم لم ولن يقتلوا إرادة الحياة فينا.

تشكيل البيانو
بدأت الأمسية بافتتاحية قالب سماعي ألوان تأليف خالد محمد علي، والتوزيع الأوركسترالي للموسيقي إياد عثمان، وكانت موسيقا عمار الشريعي حاضرة بفقرتين” من روح كوكب الشرق 1-2 والتي بنى فيها الألحان على ألحان أغنيات أم كلثوم بطريقة إبداعية وباقتباس جزء من اللحن الأصلي كما في لحن ليلة حبّ، باشتراك آلات الأوركسترا بحضور الأكورديون –وسام الشاعر- ودور العود الذي شكّل محوراً في اللحن الأساسي، وتسارع الإيقاعات الشرقية، ثم تغيّر مسار البرنامج بتقديم تجارب إبداعية للموسيقية ليال وطفة التي حازت على جوائز بمجال الموسيقا التصويرية بمقطوعة”فوتوكوبي” وتميزت تجربتها بالاعتماد على البيانو كلحن أساسي بالتوليف مع آلات الفرقة باشتراك آلات النفخ الخشبية وجزء من النحاسيات ليأخذ البيانو دور اللحن الأساسي مع آلة النفخ الخشبية- الكلارينيت- كتشكيل موسيقي أصبح مألوفاً، وصولاً إلى حالة موسيقية حالمة تنتهي بقفلة البيانو المتدرجة بهدوء، بينما في التجربة الثانية لها بعنوان”نوارة” شكّل البيانو مع الآلة الشرقية الناي لوحة ثنائية رائعة مع اشتراك جزء من الوتريات.
ولمناسبة يوم الثقافة السورية خصص المايسترو فتح الله فقرتين لوصلات من التراث السوري للمطرب والملحن رفيق شكري بتوزيع الموسيقي كمال سكيكر، بالاشتراك مع الكورال للغناء الجماعي، منها”معذبين أنت وأنا، ما قدرش على كده،ويا طيره طيري ياحمامة”، ثم وصلة للموسيقار فريد الأطرش توزيع سكيكر.

التشيللو وتجربة جديدة
المنعطف الهام في الأمسية كان اشتراك عازف التشيللو محمد نامق بعزف أغنية أنغام “شنطة سفر” ألحان محمد علي سليمان وإعداد نامق- وهي كما وصفها فتح الله من الأنماط الصعبة- بالاشتراك مع الفرقة  ضمن إطار الإيقاعيات الخفيفة حيناً وبالعزف الإفرادي حيناً وبالتناغم بينه وبين آلات التشيللو في جزء من اللحن.
وتوقفت الفرقة مع منعطف جديد بغناء رنا سليمان “يا عيني عليك ياطيبة” وباحت بصوتها بمكنونات الألم والوجع بالاشتراك مع آلات الفرقة والبيانو وفردت بالآهات مع فواصل الناي الصغيرة-إبراهيم كدر- لتصل إلى ذروة إبداعها الغنائي بمقطع” وفعز الاحتياج لحضن يضمنا قادرين إزاي ندوس على قلب حبنا” وبعدها عزفت الفرقة ناصر56 ألحان ياسر عبد الرحمن، لتختم الفرقة الأمسية بتجربة إبداعية جديدة بتحويل أغنية فيروز “سائليني” إلى غناء جماعي للكورال بمرافقة الأوركسترا وبزخم موسيقي قوي ومرتفع بحضور النحاسيات وضربات التيمباني القوية-علي أحمد- واختُتمت بمتتالية ضربات التيمباني وكان لها وقع كبير.

لن يكسرنا الإرهاب
وعبّرت المغنية سليمان عن سعادتها بتفاعل الجمهورمعها وقالت في حديثها لـ”البعث” أردت أن أوصل رسالتي إلى كل السوريين داخل سورية وخارجها بأن الإرهاب لا يستطيع أن يقف في طريقنا وبأننا نستمر بحياتنا، وعلى الرغم من مرور سبع سنوات على الحرب بقيت سورية صامدة، ونحن نحارب الإرهاب ليس بالسلاح وحده وإنما بالعلم والثقافة والفنّ بالصوت، فكما ينجز الجنود مهماتهم أريد أن أظهر للعالم بأنه رغم إصابتي مازلت قوية من أجل الشهداء الذين انسكبت دماؤهم على أرض الوطن، لتخلص إلى أن سورية لن تكسر ولن تهزم وستبقى بلد الياسمين. وعن توحدها مع كلمات أغنية “يا طيبة” التي غنتها بإحساس مؤلم قالت: إنها عبّرت عن الوجع الذي عاشه الشعب السوري.
وأوضح المايسترو عدنان فتح الله بأن الأمسية التي قدمتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية ضمن برنامجها الدوري وتزامنت مع فعاليات يوم الثقافة السورية قائلاً: حرصنا على أن نختار الأعمال التي تخدم إستراتيجية الفرقة وأهدافها من التراث السوري وبتقديم تجارب إبداعية جديدة واحتضان مواهب وطنية هامة، وتابع عن مدرسة التوزيع السورية التي تعد مدرسة مميزة وأصبحت لها هوية وخصوصية وانتشرت ألحانها في كل أنحاء الوطن العربي. وفيما يتعلق بالعمل الضخم “سائليني” الذي قدمته الفرقة بشكل جماعي وبتوزيع أوركسترالي كامل أضاف بأنها غناء صولو للسيدة فيروز كلمات سعيد عقل وألحان الرحباني أردنا إظهار إمكانية الفرقة الموسيقية العربية بغناء القصيدة من قبل كورال ضمن أسلوب أداء جماعي مميز وموحد من ناحية الكلمة والصوت والأداء.
ملده شويكاني