د. السيد: الحفاظ على العربية واجب على كل مواطن
وصف د. محمود السيد اللغة العربية بالماسة التي يسعى عشاقها للحفاظ عليها، وربطها بالهوية التي شبهها بالقلعة حصنها الثقافة وسياجها اللغة، وأكد على أن مسؤولية استخدام اللغة العربية ونشرها واجب على كل مواطن. لتغدو محاضرته “التخطيط اللغوي ودوره في حماية اللغة العربية” التي ألقاها في مجمع اللغة العربية لمناسبة اختتام فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية محط إعجاب عشاقها وتقديرهم، ورفض تقعيد اللغة العربية والوقوف في وجه تفشي العامية في كل مناحي الحياة العامة والخاصة، والحدّ من ظاهرة العربيزي، ليدور الجدل حول الشعر النبطي ومسائل أخرى بقي د. السيد مصراً على موقفه منها، وفي الوقت ذاته كانت مسرحاً لمداخلات أغنت محاور المحاضرة، لاسيما ما يحسب لوزارة الأوقاف في حفاظها على اللغة العربية.
وتطرق د. السيد في محور”دور لغتنا في حياة المواطن العربي وأمته” إلى دور اللغة العربية في حياة كل إنسان، إذ لايمكن للمرء أن يفهم تاريخ أمته ويتعمق بتراثه ولايفهم الفكر والمعاني على الصعيد العربي في مشرق الوطن العربي وفي مغربه إلا بتمكنه منها، ليتوقف عند قول الرصافي:
ويجمعنا إذا اختلفت بلاد
بيان غير مختلف ونطق
وفي المحور الثاني “تحديات واجهتها وتواجهها لغتنا العربية” تناول التحديات التي تواجهها اللغة العربية داخلياً وخارجياً، ومن التحديات الخارجية التي تطرق إليها محاولات أعداء الأمة محاربة اللغة العربية مثل سياسة التتريك على يد الاحتلال العثماني، وفرض اللغة الفرنسية إبان الاحتلال الفرنسي على سورية ولبنان والجزائر، والإنكليزية من قبل الاحتلال البريطاني على مصر والعراق وفلسطين، لكن محاولاتهم باءت بالفشل فوصموا اللغة العربية بالتخلف وعدم مواكبة روح العصر، وعملوا على استبعادها من بين اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة ومنظماتها، وعدم استعمال ممثلي الدول العربية اللغة العربية في كلماتهم، وعدم وجود مترجمين أكفياء، والسعي إلى تعزيز اللهجات العامية وتقديم الدعم للبحوث في مجالاتها، وإحياء لغات بعض الشرائح المقيمة على الأرض العربية تحت شعار حقوق الإنسان. وامتد حديث د. السيد ليصل إلى محاولات سرقة تراث الأمة كما فعلت أمريكا في العراق بسرقة مليون كتاب من أمهات الكتب إضافة إلى الوثائق واللوحات الأثرية، وتحطيم ضريح نبوخذ نصر ليصبح موقعه موقفاً للسيارات العسكرية الأمريكية، وسياسة الصهاينة بعبرنة الأرض المحتلة في فلسطين.
التلهيج والأحرف اللاتينية
وتابع د. السيد سرده عن التحديات الداخلية التي تواجهها اللغة العربية، وتتمثل بالتلكؤ بإصدار قرار التعريب رغم أن دساتير اللغة العربية تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية، ودعوة بعض أبناء الأمة إلى ما أسماه بالتلهيج والكتابة بالحروف اللاتينية، وانحسار العربية لمصلحة الأجنبية في دول المغرب العربي والخليج، ومن المسائل الهامة التي توقف عندها المحاضر تدني المستوى اللغوي في العملية التعليمية لتكون اللغة المستخدمة زاخرة بالمفردات العامية، لتنسحب هذه الظاهرة الخطرة على كل مناحي الحياة وليمتد الهجين اللغوي إلى البرامج الإعلامية والمسرحيات والمسلسلات والحوارات وفي الفنادق والمقاهي والإعلانات والبضائع التجارية.
العلاقة بين اللغة والمجتمع
وعدّ د. السيد أن كل ما تطرق إليه هو أشبه بالوقوف على الأطلال ليصل إلى مبتغاه في المرمى المقصود من محاضرته ليعرّف التخطيط اللغوي بأنه عمل منهجي ينظم مجموعة من الجهود المقصودة المصممة بصورة منسقة لإحداث تغيير في النظام اللغوي، ويعنى بدراسة المشكلات التي تواجه اللغة العربية كمشكلات لغوية بتوليد المفردات ووضع المصطلحات أو مشكلات غير لغوية كالجهل بأهمية اللغة في سيادة الأمة، لينتقل إلى أهداف التخطيط اللغوي وأهمها حماية اللغة العربية من كل التحديات، واحترام الهوية العربية والتراث العربي الإسلامي، وتحديث البرامج اللغوية ودراسة العلاقة بين اللغة والمجتمع.
الصراع على الهويات
الأمر الهام الذي ناقشه د. السيد هو اللغات الأم لبعض الفئات الخاصة على الأرض العربية مثل اللغة الأرمنية والشركسية.
وبيّن بأن التخطيط اللغوي العربي يرمي إلى احترام هذه اللغات واستخدامها على أن يعتمدوا اللغة العربية على الصعيد الوطني والقومي، كونها هي اللغة الموحدة والموحَدة على صعيد الأمة، وربما من أكثر القضايا أهمية ما أشار إليه بضرورة التوعية اللغوية ليصل إلى أن الصراع الأعنف هو الصراع على الهويات، والحق الثقافي يتنافى وأسلوب المهادنة لأنه عماد اللغة، لينهي محاضرته ببنود على دروب التخطيط اللغوي تعكس النهوض بالواقع اللغوي والتمكين للغة العربية.
ملده شويكاني