ثقافة

“أم شـــكيب ” وشـــقيقاتها..

تدفع الأحلام المؤجلة التي لم تأت بها الأيام باليائسين إلى اللجوء إلى طرق مختلفة من أجل الحصول عليها وتحقيقها، فالمهم في نهاية المطاف هو تحقيق المراد مهما كان الثمن وبغض النظر عن الوسيلة، حتى لو كانت وسيلة منافية للعقل وبعيدة عن المنطق، وقد تزايد في الآونة الأخيرة بشكل خطير وملحوظ لجوء عدد غير قليل من الناس إلى السحر والشعوذة كوسيلة متبقية لديهم للحصول على الحلم الضائع أياً كان هذا الحلم سواء (منصب، عمل، حبيب، شهرة، سفر، نجاح وغيره) وفي الحقيقية غالباً ما يجني الباحثون عن الحلم في ذاك المكان الخيبات والخسارات المادية والمعنوية، بينما تكون الأموال من نصيب محققي الأحلام أولئك ولربما في بعض الأحيان تطالهم أيادي “الشهرة” كما حدث مع” أم شكيب لجلب الحبيب” التي ذاع صيتها مؤخراً، وتناقلت صفحات التواصل الاجتماعي اسمها الذي أصبح مقروناً بقدرتها الخارقة على إحضار العريس المطلوب لأي فتاة مهما كانت مواصفاتها، ولكن بالطبع بعد دفع مبلغ مالي لا يستهان به، وبينما اتجهت الفتيات نحو”أم شكيب” التي أصبحت نجمة بين ليلة وضحاها والكل يطلب ودها، أخذ الفتيان والشبان يبحثون في كل مكان على “أم سميح للتسريح” وبالتوازي طالب المواطنون بضرورة وجود “أم راغب لزيادة الراتب” ولم يخف البعض أملهم بظهور”أم ساري لجمع المصاري” بينما تمنى الطلاب سراً أن تتحول “أم إياد لترفيع المواد” إلى حقيقة وواقع.
من اللافت أن اللجوء إلى “الحلول اللامنطقية” يزاد في أوقات الاضطرابات والأزمات حيث يتخبط الجميع في ظل غياب تفسير عقلاني ومنطقي لكل الأحداث المؤلمة والمتسارعة الطارئة على الحياة، فتهيئ الظروف جميعها ليصبح الطريق معبداً أمام هذه الحلول التي تستغل اللحظة وتروج لنفسها فتلقى بكل سهولة أذاناً صاغية من الغارقين الذين سيتعلقون ولو “بقشة” ويركنون إلى أخبار المنجمين والسحرة الذين يعدونهم بعودة غائب أو يبشروهم بنصر قريب، ولا يسمح المنجمون لأنفسهم بالتدخل ببعض التفاصيل والأمور على المستوى الشخصي فقط، بل إن واحدهم لا يتردد بأن يتدخل بشؤون سياسية على مستوى عال فيطلقون بكل ثقة تنبؤاتهم عن اغتيال شخصية حكومية أو انقلاب مؤكد أو تغيير رئاسي محتوم، ويحكى أنه أثناء الحرب العالمية وفي خضم المعركة دخل أحد الضباط على الزعيم ستالين وقال له هناك عراف في الخارج يريد مقابلتك ويقول أن عنده من المعرفة والتنبؤ قد يفيدنا في حربنا فصرخ به ستالين قائلاً: اخرج واقتله على الفور فما كان على الضابط إلا تنفيذ الأمر فخرج وقتل العراف ثم دخل على قائده وقال له لماذا قتلناه وكان سينفعنا، فرد عليه ستالين بجملة بسيطة: لو كان يعلم بالغيب كما يدعي لما أتى ليموت، وجميعنا يعلم أن ستالين انتصر في حربه بدون “منية” ذاك العراف أو سواه، فالرجال وحدهم من يكتبون النصر وبالإرادة وحدها تتحقق الأحلام، ولا يمكننا في النهاية إلا أن نقول “كذب المنجمون ولو صدقوا”.
لوردا فوزي