150 ألف مهجّر من عفرين.. وأردوغان ينكّل بالفارين
واصل النظام التركي ومرتزقته من المجموعات الإرهابية خرقه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2401 القاضي بوقف الأعمال القتالية في سورية لمدة 30 يوماً، عبر تصعيد عدوانه على منطقة عفرين والقرى والبلدات والمزارع التابعة لها، لليوم 57 على التوالي، وقصفه الأحياء السكنية والمنشآت والبنى التحتية بمختلف أنواع الأسلحة، ما أدى الى استشهاد وإصابة مئات المدنيين.
وتسبّب العدوان الهمجي الغاشم، والذي استخدمت فيه قوات نظام أردوغان الإخواني مختلف أنواع الأسلحة، بما فيها المحرّمة دولياً، في اعتدائها على المدنيين، بتهجير أكثر من 150 ألف شخص خلال اليومين الماضيين، فيما ارتكبت تلك القوات مجزرة مروّعة في مدينة عفرين جرّاء القصف المكثّف راح ضحيتها 47 شهيداً وعشرات الجرحى، جلّهم من الأطفال والنساء وكبار السن، وأطلقت إدارة المدينة نداء استغاثة عاجلة لإنقاذ حياة عشرات الآلاف من المدنيين، معلنةً أن محنة السكان تفاقمت عندما شرعت قوات أردوغان بقطع مصادر المياه والطاقة عن المدينة.
ووضع هذا الواقع المرير الأهالي أمام خيارين أحلاهما أمر من العلقم، فإما البقاء في المدينة، التي باتت هدفاً دائما للعدوان التركي ومرتزقته بمختلف، أو المخاطرة بمغادرة المدينة، مع كل ما تحمله هذه المغامرة من مخاطر الاستهداف المباشر من الطيران والمدفعية التركية أو من المرتزقة الذين ينكّلون بكل من يقع بين أيديهم من الأهالي.
ويروي المئات من الأهالي الفارين من عدوان لا يراعي حرمة للإنسانية، وخارج عن جميع الشرائع والقوانين الدولية، فظائع ارتكبتها قوات النظام التركي ومرتزقته بحقهم، وهم لا يملكون من الأمر غير الرحيل قسراً تحت ضغط العدوان للحفاظ على حياتهم وحياة أولادهم.
ويشير علي خليل أنه بمجرد أن ابتعد وعائلته مئات الأمتار عن مدينة عفرين وانضم إلى آلاف الهاربين من العدوان التركي شعر بالأمان، وإن كان لا يعرف ما هي خطواته القادمة، ولكن يكفيه أن عائلته لن تكون في مرمى المدفعية والطيران التركي من جديد.
وتحت النار اضطرت معظم العائلات إلى ترك منازلها وأرزاقها وحمل ما تيسّر منها لسهولة التنقّل في رحلة الهروب من العدوان، حيث أقلت حافلات وجرارات وشاحنات ودراجات نارية ومركبات صغيرة الأمتعة والمدنيين.
ويؤكّد تحسين أحمد، سائق أحد الجرارات المغادرة لعفرين، أنه يحمل معه أكثر من 30 شخصاً ما بين طفل وامرأة ورجل، ولو استطاع حمل المزيد لفعل، لأن الحالة الإنسانية في مدينة عفرين تسوء يوماً بعد آخر، في ظل استمرار العدوان التركي وصمت المجتمع الدولي بكل مؤسساته وهيئاته ومعظم الدول العظمى، التي اختارت دعم المعتدي التركي أو في أفضل الحالات الصمت تجاه الجرائم التي يرتكبها.
وألحق العدوان، الذي يسعى إلى قتل جميع مظاهر الحياة في منطقة عفرين، دماراً كبيراً في المدارس والبنى التحتية ومحطات ضخ المياه والكهرباء وشبكات الطرق العامة والأراضي الزراعية، وآخرها مشفى عفرين، ما تسبب بخروجه عن الخدمة ليحرم آلاف المدنيين من الخدمات الإسعافية والعلاجية.
وكانت قوات النظام التركي قصفت مشفى عفرين ما أدى الى الحاق دمار كبير به وخروجه عن الخدمة واستشهاد 16 مدنياً، بينهم أطفال، وجرح العشرات. وفيما فضّل الكثير من الأهالي الصمت من هول فاجعة ترك مسقط رأسهم، كانت عيونهم تروي ألف حكاية وحكاية، وفي كل منها تفاصيل معاناة تعجز الكلمات عن الإلمام بفصولها.