الصفحة الاولىصحيفة البعث

موسكو لترامب: لم ينته الجميع من شكركم على ما فعلتموه بالعراق!

سخرت المتحدّثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أمس، من تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، التي قال فيها: إن أحداً لم يشكر واشنطن على “التخلص من إرهابيي داعش في المنطقة”، قائلة: “إن الجميع لم ينتهوا بعد من شكرها على ما فعلته بالعراق، والذي كانت نتيجة التدخّل فيه ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي”!، فيما أكد رئيس لجنة السياسة الإعلامية والتعاون مع وسائل الإعلام في مجلس الاتحاد الروسي ألكسي بوشكوف أن الولايات المتحدة تريد إما القضاء على المؤسسات الدولية أو أن تصبح آليات طيّعة بيدها، وهي تواصل تقويض القانون الدولي باعتداءاتها على الدول، كيوغسلافيا والعراق وأفغانستان، واليوم سورية.

وبالتوازي، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الوضع في سورية، وأعلن المكتب الصحفي في الرئاسة الروسية أنه تمّ خلال الاتصال “الإعراب عن القلق نظراً لاحتدام الوضع حول سورية على خلفية مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في مدينة دوما مع التأكيد على أهمية ضمان الظروف اللازمة لعمل خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المتوجهين إلى سورية”، ودعا الجانبان “إلى تفعيل عملية التسوية السياسية للأزمة على أساس قرار مجلس الأمن 2254 وقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في مدينة سوتشي واتفقا على مواصلة الاتصالات الثنائية عبر مختلف القنوات”. وفيما قال المتحدّث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف: إن روسيا تراقب عن كثب تصريحات الولايات المتحدة حول سورية، وترى “أنه من الضرورة القصوى تفادي أي خطوات يمكنها أن تؤدي إلى مفاقمة التوتر في سورية، ونعتبر أن ذلك سيكون له تأثير سلبي جداً على كامل عملية التسوية فيها”، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي في إيران علاء الدين بروجردي أن ردود الفعل على أي عدوان أمريكي على سورية ستكون جادة وحازمة.

وفي السياق نفسه، أكدت زاخاروفا أن التهديد باستخدام القوة ضد سورية انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة، داعية المجتمع الدولي إلى التفكير في عواقب الاتهامات والتهديدات التى توجهها الدول الغربية لسورية وفي “تداعيات أي عمل عسكري محتمل”، وقالت، خلال مؤتمر صحفي في موسكو، “إن رئيسي الولايات المتحدة وفرنسا يهددان باستخدام القوة ضد سورية، لكن استخدام القوة ضد دولة عضو في الأمم المتحدة يعتبر انتهاكاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة”.

وأكدت زاخاروفا أن المشاهد التي تمّ تصويرها حول مزاعم استخدام المواد الكيميائية في الغوطة الشرقية جميعها ملفّقة بشكل واضح، وورد معظمها من قبل ما يسمى “الخوذ البيضاء”، لافتة إلى أن موسكو دعت إلى تحليل هذه الأخبار الملفقة، كما أن العسكريين الروس والأطباء زاروا مكان الحادث المزعوم ولم يجدوا دليلاً على هذه المزاعم، لكن الغرب لا يريد سماع تصريحات موسكو، وأوضحت أن العسكريين الروس مستعدون بالتنسيق مع الحكومة السورية لضمان أمن عمل الخبراء في مكان وقوع الحادث المزعوم.

وأشارت زاخاروفا إلى أن واشنطن مستمرة في إطلاق التصريحات بنبرة الحرب التي تهدد بتصعيد خطير للغاية، ولا توجه اتهاماتها لدمشق فحسب بل تصدرها لروسيا أيضاً، متسائلة: “كيف يمكن اتخاذ قرارات في غاية المسؤولية بشأن استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة والتهديد باستخدام القوة على الساحة الدولية بناء على معلومات كاذبة وفي غياب صورة حقيقية لما حدث”، كما تساءلت عن أسباب إغفال العديد من وسائل الإعلام وجود المواد الكيميائية بمستودعات الإرهابيين في سورية، مشيرة إلى أنه تم تسجيل 4 حوادث لاستخدام الإرهابيين المواد السامة ضد مواقع القوات الحكومية السورية وإصابة نحو 100 عسكري سوري.

ووصفت زاخاروفا نشر منظمة الصحة العالمية معلومات لم يتمّ إثبات صحتها عن ضحايا هجوم مزعوم بالكيميائي في دوما “بالعمل غير المسؤول”، فهي لم تصل إلى المكان بشكل مباشر بل استندت إلى مزاعم قدّمتها ما تسمى “منظمة الخوذ البيضاء” وجمعية أمريكية، وقالت: “إن موقفنا واضح وهو أننا لا نسعى إلى التصعيد، ونعتقد بأن شركاءنا عاقلون لدرجة العودة إلى القانون وإلى الخطوات الشرعية لكننا في الوقت ذاته لن ندعم الاتهامات الملفقة والكاذبة”، مؤكدة أنه لم يسمح أحد للقادة الغربيين بأن يأخذوا على عاتقهم دور الشرطي العالمي في آن واحد مع دور المحققين والمدعين والقضاة والجلادين.

وحول العدوان الإسرائيلي بالصواريخ على مطار التيفور بريف حمص الشرقي في التاسع من الشهر الجاري، قالت زاخاروفا: “من اللافت أن الهجوم على المطار حيث يتمركز الطيران السوري الذي شارك مباشرة في العملية ضد تنظيم “داعش” شرق سورية تزامن مع تنامي نشاط بقايا الإرهابيين هناك”، وأكدت أن تنظيم “داعش” الإرهابي هو نتاج السياسات غير الشرعية للدول الغربية التي استخدمت القوة ضد العراق ودمّرت بناه التحتية دون أن ينجحوا في إيجاد أسلحة الدمار الشامل التي تحدثوا عنها، مشيرة في هذا السياق إلى التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير ودعا فيها بلاده إلى العودة للشرق الأوسط وهو نفسه من اعترف بأن دعواته إلى الحملة العسكرية على العراق قامت على معلومات غير صحيحة.

القادة الغربيون فقدوا بصرهم وبصيرتهم

من جهته، أكد رئيس لجنة السياسة الإعلامية والتعاون مع وسائل الإعلام في مجلس الاتحاد الروسي، ألكسي بوشكوف، أن العالم ذا القطب الواحد انتهى ويجري اليوم تشكل عالم آخر متعدّد الأقطاب قد لا يروق للبعض ولكنه يتشكّل ما يدل على الانتقال إلى مرحلة جديدة من تطور العلاقات الدولية، وأشار إلى أن أي عدوان أمريكي على سورية إذا تمّ “سيكون من باب استعراض القوة وعرض العضلات فقط” ولن يغيّر شيئاً على الأرض ولن يلغي وجود روسيا الشرعي هناك، لأن كل الأحداث هناك بدأت تنتهي وتصل إلى مخرجاتها الطبيعية، ولأن المخططات الأمريكية لم تعد صالحة لتغيير الوضع في سورية، وأضاف: “إن الهستيريا التي وقع فيها القادة الغربيون ضد سورية وكأنهم فقدوا بصرهم وبصيرتهم ومحاولاتهم إلصاق التهم بها يثير القلق الشديد لدى روسيا قيادة وشعباً”، لافتاً إلى أن غياب المواقف السياسية في البرامج الأمريكية يبعث أيضاً على القلق ويؤدي إلى تأزيم الوضع في العالم، وأدان تعامي الإعلام الغربي كلياً عن جرائم التنظيمات الإرهابية في سورية، مشيراً إلى أن الغرب يمنع وسائل إعلامه من الحديث عن وحشية المجموعات الإرهابية ويعتبر أي أنباء في وسائل الإعلام عن ممارسات العصابات الإجرامية يقوض الجهود الغربية الرامية إلى إسقاط سورية.

إلى ذلك، أكد النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي أندريه كراسوف أن أي اعتداء محتمل من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ضد سورية سيشكل عملاّ من أعمال العدوان وجريمة حرب، وقال: “إن الضربة المحتملة ضد سورية لن تكون مجرد عمل عدواني ضد دولة ذات سيادة تحارب الإرهاب الدولي بل ستكون أيضاً جريمة حرب ضد البلاد وسكانها المدنيين”، وشدد على “أنه ما من أحد في العالم يطلب من التحالف الغربي التصرف كشرطي عالمي”، واعتبر أن استعادة السيطرة من قبل الحكومة السورية على مدينة دوما والغوطة الشرقية نجاح مهم في العملية العسكرية ضد الإرهابيين في سورية.

من جانبه أعلن نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي أليكسي تشيبا أن روسيا تستعد لأي تطوّر تجاه الأوضاع في سورية، وقال: “يجب أن نكون مستعدين لكل احتمال ولأسوأ احتمال.. نحن نستعد لهذا وهذا الأمر مفهوم.. إن قوات الدفاع الجوي الروسية في حالة تأهب دائم”.

وفي طهران، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي في إيران علاء الدين بروجردي أن ردود الفعل على أي عدوان أمريكي على سورية ستكون جادة وحازمة، وقال: “إن الأمريكيين يخلقون أوضاعاً تقود إلى اندلاع حرب خطرة في المنطقة وعليهم أن يعلموا يقيناً أن الطريق لن يكون معبّداً أمامهم، وأن ردود الفعل ستكون جادة وحازمة وستترك تأثيرها على الحسابات الأميركية في اتخاذ أي إجراء عسكري ضد سورية”، ونوّه برد الفعل الروسي الحازم على التهديدات الغربية ضد سورية، لافتاً إلى أن الأمريكيين يدركون أن إثارة الحروب والتوتر في هذه المنطقة الحساسة لن تكون في مصلحتهم حتماً.

وشدد بروجردي على أن الأميركيين وعقب فشل سياساتهم في سورية وانتصارات الجيش السوري على الإرهابيين فيها يحاولون التعويض عن هذه الهزيمة.