بين قانون الاستثمار والاستئجار 86 محلاً تجارياً في محافظة حماة تحت سلطة الإخلاء حفاظاً على المال العام
الخلط بين مستثمر ومستأجر، وإخضاع الحالتين لقانون واحد هو الـ 106 “النفع العام” لعام 1958 الخاص بالمشروعات الاستثمارية، والقانون رقم 111 لعام 1952 المتعلق بعقود الإيجار، هو خلاصة القضية التي تثار اليوم في محافظة حماة، حيث يعمل المكتب التنفيذي على إخلاء أكثر من 86 محلاً تجارياً مؤجرة منذ ربع قرن بأجور بخسة يمكن لمستثمرها أن يتقاضاها بشهر واحد، في حين يتقاضاها مجلس المدينة بالسنة، وهذا مطلب جوهري، وقد وجّه به رئيس الحكومة، أي إعادة النظر بالعقود الاستثمارية، ولكن عقود الإيجار التي تنضوي تحت مظلتها هذه المحلات تتم إعادة تخمينها قضائياً، ويسدد مستأجروها ما يحدده القضاء.
وللعلم فقد أقر مجلس الشعب في جلسته لعام 2014 في مادته الأولى وفقرته الثانية /ب/ حول هذه القضية أن تبقى العقارات المؤجرة في ظل نفاذ أحكام المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1952، وتعديلاته خاضعة لأحكام التمديد الحكمي، وتحديد بدل الإيجار، فكيف تريد الجهات المعنية بالمحافظة تغيير صيغة القانون والمرسوم، أسئلة كثيرة، واجتماعات كثيرة، ومطالبة ملحة، وتريث من مجلس مدينة مصياف خشية رفع الدعاوى القضائية؟!.. هذا ما سنحاول الإجابة عنه، والبحث في تفاصيله.
مستأجرون وليسوا مستثمرين
في كتابهم الموجّه إلى محافظ حماة، يقول أصحاب المحلات التجارية في سوق الهال: إنه تم استئجار محلات سوق الهال، والمحلات والمكاتب الموجودة في مبنى مجلس مدينة مصياف وفق دفتر الشروط الموجود لدى مجلس المدينة منذ عام 1991– 1992، وسلمت لهم على الهيكل، أي سقف وأعمدة، وقاموا بإكسائها، ويقومون بدفع بدل الإيجار السنوي المتفق عليه في الوقت المناسب، علماً أن مجلس المدينة أقام دعاوى تخمين على كامل سوق الهال والمحلات والمكاتب، وتمت زيادة الأجور التي طلبها وحددها القضاء أصولاً، ويتم كل ما أراد مجلس المدينة بإعادة النظر بهذه الإيجارات عن طريق القضاء.
وقالوا: فوجئنا قبل أشهر من الآن من قبل رئيس مجلس المدينة السابق المكلّف مؤقتاً برفع الأجور، وإخضاعنا للقرار الصادر من وزير الإدارة المحلية المتضمن تطبيق القانون رقم 106 لعام 1958، والخضوع للنفع العام، علماً أن هذا القانون لا ينطبق علينا باعتبارنا مستأجرين تحت القانون رقم 111 لعام 1952 وتعديلاته، ولسنا مستثمرين بل نحن مستأجرون، وكون طلب رئيس مجلس المدينة يخالف ما نحن مستأجرون به، ويخالف قانون الإيجار رقم 111، والتي تخضع كافة عقودنا لأحكامه، ويخالف كافة الأنظمة والقوانين المرعية في سورية، ويضر بنا ضرراً جسيماً لا يمكن تداركه لجهة خلق مشكلة اجتماعية من خلال رمي مئات الأسر خارج العمل، ويهدد حقوقنا المكتسبة وفقاً للقانون رقم 111 لعام 1952، لذلك نأمل من محافظ حماة أن يعيد النظر بتفسير القانونين، والتمييز بينهما، وما ينطبق على هذا القانون أو ذاك كون ما يراد تنفيذه لا ينطبق علينا لا من قريب ولا من بعيد، وإن كان لابد من زيادة الأجور فلتكن عن طريق القضاء بإعادة التخمين وفقاً للقانون المرعي 111 الذي شملهم، والذي يعتبرنا مستأجرين لا مستثمرين.
ازدواجية الخلط
في القرار رقم 12 تاريخ 12/10/2017 الصادر من محافظ حماة اعتبر الأبنية والمشيدات المقامة من قبل مجلس مدينة مصياف، أو العائدة ملكيتها إليها، والمقامة من قبل المستثمرين أو المستأجرين والملزمين بتركها لمجلس المدينة، ذات صفة نفع عام، وإخضاعها لإحكام القانون رقم 106 لعام 1958.
ونطرح السؤال التالي: كيف يمكن تغيير صيغة الإيجار المنصوص عليها بالقرار رقم 111 لعام 1952، وضمه إلى القانون رقم 106 لعام 1958 ذات النفع العام من دون صدور مرسوم تشريعي يجيز ذلك، رغم الفارق الكبير بين القانونين، فالقانون /106/ يعود للنفع العام، في حين القانون 111 تخضع له هذه المحلات للإيجار، أي لكل منهما خصوصيته التشريعية والتنفيذية.
بانتظار الجواب
وزارة الإدارة المحلية خاطبت مجلس الدولة كما جاء في كتابها رقم /88 /ع /1 /د بتاريخ الرابع عشر من كانون الثاني لبيان الرأي بإخضاع الأفران التي يملكها مجلس مدينة حماة لأحكام القرار رقم 106 لعام 1958 في ظل وجود أحكام قضائية باعتبار العقود الجارية بين مجلس مدينة حماة والمستثمرين لتلك الأفران عقود إيجار، على الرغم من خضوعها لأحكام القرار رقم 106 لعام 1958 بقرار وزير الإدارة المحلية رقم 36، مع الإشارة إلى أن المادة 14 من قانون الإيجار النافذ رقم 20 لعام 2011 نصت على استثناء عقود استثمار العقود المملوكة للدولة أو البلديات أو المؤسسات العامة التي أنشئت أصلاً لتقوم بصفة النفع العام، وذلك من أحكام قانون الإيجار.
ويضيف كتاب وزارة الإدارة المحلية مخاطباً مجلس الدولة لبيان الرأي بالسرعة الممكنة نظراً لأهمية الموضوع في إطار معالجة قيم بدلات استثمار العقارات المملوكة للوحدات الإدارية، وتجنباً لصدور أحكام قضائية في معرض تطبيق الإجراءات المنصوص عنها في القرار بالقانون رقم 106 لعام 1958.
كان هذا في منتصف شهر كانون الثاني من هذا العام، ولم يجب مجلس إدارة الدولة، فكيف يستعجل المكتب التنفيذي بحماة بإخلاء أصحاب محلات سوق الهال، والعديد من المحلات الأخرى، وفقاً لما نقله لنا المحامي، حيث بين يديه العشرات من الدعاوى بهذا الخصوص كان قد أقامها أصحاب هذه المحلات الخاضعة للقانون رقم 111 لعام 1952.
تنفيذ القرارات
رئيس مجلس مدينة مصياف المهندس سامي البصل شدد على أنه ملزم بتنفيذ تعليمات الحكومة كون الإيجار الذي يتقاضاه مجلس المدينة حالياً لا يتماشى مع الأسعار الرائجة حالياً، ولذلك سيعاد النظر بالأسعار وفقاً للسعر الرائج حالياً دون التغيير في صيغة الإيجار أو الاستثمار، وأضاف: لقد حاولنا عدة مرات مع شاغلي هذه المحلات، لكنهم كانوا يرفضون، وأعتقد بأن صيغة إعادة النظر بالإيجار والاستثمار قد ترضي طرفي المعادلة، ولم يعد التريث مطلوباً أكثر من ذلك.
مصلحة عامة
نائب رئيس المكتب التنفيذي بحماة المهندس خالد الخضر قال: نحن لسنا طرفاً في مشكلة مع المواطن، نحن ملزمون بتعليمات الحكومة التي تقول: تخضع كل المشاريع والعقارات الاستثمارية أياً كان نوعها للنفع العام باعتبار الإيجار الحالي والموقع مع مستثمريها منذ سنوات لا يحقق مصلحة الوحدات الإدارية، ولذلك لابد من تطبيق تعليمات الحكومة أياً تكن، وبما يضمن حق المصلحة العامة، حتى وإن كان الموضوع يقتضي جمع القانونين 106 و111 بقانون واحد، شريطة أن ينسجم وتعليمات الحكومة لجهة تحقيق التمويل للوحدات الإدارية.
محمد فرحة