اقتصادصحيفة البعث

تعديلات شكلية لنظام الضرائب.. أكاديمي يعري أخطاء “المالية” ويطالب بفرض ضريبة على “أثرياء الحرب”

 

 

دمشق – فداء شاهين
يبدو أن سبب التهرب الضريبي في سورية لا يكمن بتراخي آليات التحصيل فقط، بل له صلة بأصوله العائدة إلى قوانين وتشريعات أكل عليها الدهر وشرب، ليظهر النظام الضريبي المعمول به حالياً وكأنه يغازل الأغنياء على حساب الفقراء، بدلاً من كونه مورداً هاماً لخزينة الدولة. إذ لم يتوانَ الدكتور إبراهيم العدي من كلية الاقتصاد في جامعة دمشق – خلال الندوة التي أقيمت في الكلية حول “واقع النظام الضريبي في سورية وآفاق تطويره” – عن وصف النظام الضريبي الحالي والمعمول به في سورية بالفاسد، ولاسيما أن عمره تجاوز الـ70 عاماً، ويسمح للكثير من التجار وأصحاب المؤسسات بالتهرب من الضريبة، كما أن القانون الضريبي هو مضمون للمرسوم 85 لعام 1949 الذي ألغى بموجبه النصوص التي كانت تحكم الضريبة زمن الاحتلال العثماني والفرنسي وهو ترجمة عن المرسوم الفرنسي الذي كان مطبقاً عام 1932 في فرنسا ولا يزال حتى الآن يعمل به في البلاد..!
وعلى الرغم من إجراء بعض التعديلات على هذا النظام، فإنها كانت شكلية – بحسب العدي – حيث استبدل المرسوم 85 بالقانون 24 لعام 2003، ليتبين أن هذا القانون هو استنساخ للمرسوم 85، حيث كان أعلى معدل ضريبي فيه 30%، وفي عام 2003 صدر أعلى معدل ضريبي وكان بنسبة 28%، وبالتالي تطبيق المرسوم الذي صدر عام 1949 وهذا لا يعتبر إصلاحاً ضريبياً..! وتساءل العدي عن استمرار العمل بالنظام الضريبي الفاسد لمدة 70 عاماً، مشيراً في ذات الوقت إلى أنه لم يتم دراسة القانون 24 لعام 2003 بالشكل الذي يجب أنه تدرس به القوانين نظراً لعدم توفر أعضاء في مجلس الشعب ممن يمتلكون المهنية العالية في هذا الخصوص.
وأوضح العدي أن النظام المطبق في سورية هو نظام الضرائب النوعية، وجميع دول العالم تخلت عنه إلا سورية، ومضمونه أن “لكل نوع من الدخل له نوع من الضرائب”، وفي مرحلة ما وصلت المعدلات الضريبية إلى نحو 93% وهذا جزء من المعدلات الضريبية المرتفعة الظاهرية فقط؛ لذلك أصبح التاجر السوري من أكثر المتهربين من الضريبة في العالم، علماً أنه تم إلغاء النظام الضريبي الحالي بالقانون 130 لعام 1961، ولكن بسبب حدوث الانفصال بين سورية ومصر توقف العمل به..!
ولم يخفِ العدي الأخطاء التي ارتكبتها وزارة المالية عندما فرضت ضريبة على الرواتب والأجور بنسبة 22%، بينما فرضت على بعض الشركات المساهمة نسبة 14%، معتبراً أنه لا يجوز أن تكون ضريبة المنشآت الصناعية والإنتاجية أقل من العمال كونه لا يجوز المساواة بين العامل والشركة، في الوقت الذي لا يمكن تطبيق النظام الضريبي من دون الفوترة..!
وأشار العدي إلى بعض المقترحات لتطوير العمل الضريبي، منها إلغاء نظام الضرائب النوعي الفاسد واستبداله بضريبة الدخل وضريبة الإنفاق، بالتوازي مع وضع حد أدنى ثابت وحد أعلى متحرك للضريبة، وإحداث مراكز دراسات مالية وضريبية، وتحديث الإدارة المالية والعقلية، ورفد وزارة المالية بالعناصر الشابة، والقضاء على المحسوبيات في توزيع مراقبي الدخل، إضافة إلى ضرورة وجود سياسة اقتصادية ومالية واضحة للدولة وللحكومة والتخلص من سياسة كل وزير، إلى جانب إصدار تشريعات ضريبية شاملة عصرية قابلة للتطبيق وواضحة للمكلف ولصاحب الدخل، والتخلص من عقدة سرية المعلومات، والاستفادة من الأبحاث العلمية في كلية الاقتصاد، وإصدار تشريع ضريبي خاص بأثرياء الحرب وفرضها عليهم لمرة واحدة.