الصفحة الاولىصحيفة البعث

لافروف: قضية سكريبال تتلاشى

 

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن قضية العميل المزدوج سيرغي سكريبال كانت مفبركة لأغراض استفزازية، والآن باتت تنهار بسبب غياب أي أدلة، وأشار إلى أن عدداً قليلاً من الدول الغربية تستغل وتسيء استخدام مبدأ التضامن في محاولة منها لجر الدول للمواجهة مع روسيا.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البيلاروسي في مينسك: “نرى طابعاً مصطنعاً لموقف الغرب من روسيا، وكيف تستغل أقلية عدوانية في المعسكر الغربي مشحونة بمناهضة لروسيا، مبدأ التضامن والإجماع القائم بين الدول الأوروبية في محاولة منها لجر البلدان التي تتميّز بمزاج إيجابي في العلاقة مع روسيا للمواجهة معها (موسكو)”.
ومضى لافروف قائلاً: “مثال جيد لهذا النهج هو قضية سكريبال التي تنهار أمام أعيننا لعدم وجود أي أدلة عليها، إلا أن بعض الدول تحاول، للأسف الشديد، تكرار المخطط ذاته في مناسبات أخرى”.
واتهمت السلطات البريطانية روسيا بالوقوف وراء تسميم الجاسوس البريطاني سيرغي سكريبال وابنته يوليا بمادة شل الأعصاب “A234” (المعروفة باسم “نوفيتشوك”) في 4 آذار الماضي بمدينة سالزبوري البريطانية، الأمر الذي  تنفيه موسكو بشدة، مشيرة إلى أن لندن لم تقدّم أي أدلة.
واعتبر لافروف أن أوروبا تشن حملة بأسباب مختلقة ضد روسيا لشغل الرأي العام، وإبعاده عن المشاكل الحقيقية.
وأوضح أن موسكو ومينسك تعتبران تصرفات حلف الأطلسي “الناتو” المتمثّلة بتعزيز مواقعه العسكرية عند حدود الدولة الاتحادية (روسيا- وبيلاروس) هدامة وتقوّض الأمن الأوروبي، وأضاف: “لدينا مصلحة مشتركة في تطوير علاقات متساوية ومتبادلة المنفعة مع الاتحاد الأوروبي وفي إطار الحوار مع حلف شمال الأطلسي، لكننا نشعر بالقلق إزاء أنشطة حلف الناتو التي رأيناها مؤخراً في المنطقة المجاورة مباشرة لحدودنا، في البلطيق وبولندا”، وتابع: “مثل هذه الأعمال الهادفة إلى تعزيز البنية التحتية العسكرية من جانب واحد، بالقرب من حدودنا هدامة تقوّض الثقة والتفاهم المتبادل في أوروبا، وتؤدي إلى تفكك الفضاء الأمني الأوروبي”.
وفي السياق نفسه، كشف أطباء عالجوا سكريبال أن خبراء مختبر بورتون داون البريطاني للسموم شاركوا في علاجه، ما يعني أن هذا المختبر يمتلك سر تركيبة السم الذي حقن به!.
وأجرت هيئة الإذاعة البريطانية مقابلة مع أطباء عالجوا سكريبال من حالة التسمم، تمّ بث مقتطفات منها أمس، يقول فيها أحد الأطباء الذين شاركوا في علاجه: إن المختصين في مختبر الجيش البريطاني للمواد الكيميائية في بورتون داون شاركوا بفعالية في علاجه، الأمر الذي يعني أن هؤلاء المختصين يمتلكون سر التركيبة الكيميائية التي تدّعي بريطانيا أنه تم تسميم سكريبال وابنته يوليا بها.
واستندت بريطانيا في اتهامها لروسيا بالوقوف وراء تسميم هذا الجاسوس السابق إلى أن موسكو وحدها تمتلك منذ العهد السوفيتي مادة “نوفيتشوك” الكيميائية المشلّة للأعصاب التي تم تسميم سكريبال بها، بينما أظهرت الوقائع أن العديد من الدول، ومنها تشيكيا، وكذلك بريطانيا نفسها تمتلك هذه المادة.
واعترف أحد الأطباء في المستشفى، أنه كان من المستبعد معالجة سكريبال وابنته وإبقائهما على قيد الحياة بعد تسممهما بغاز الأعصاب ووصولهما إلى المستشفى بحالة يرثى لها، وقال: إنه عندما استقبل المستشفى سيرغي وابنته، فضلاً عن الشرطي نيك بيلي، أصيب الأطباء والممرضون في المشفى بحال من الذعر والذهول.
وقد أوضح أحد الخبراء الكيميائيين أن المساعدة في مثل هذه الحالة غير ممكنة إلا باستخدام ترياق مضاد وبسرعة قصوى، ولكن لتحديد ماهية هذا الترياق، يجب أن يعرف الأطباء والمعالجون بالضبط طبيعة المادة الكيميائية التي استخدمت في تسميم الضحايا والحصول على عينة منها، ووفقاً للخبراء فإن هذا الأمر لم يكن ممكناً دون مساعدة المختصين في مختبر الجيش للمواد الكيميائية الذي يقع مقره في بورتون داون.
وأعلن أحد الأطباء: “أود أن أقول: إن دوراً حاسماً في النجاح بعلاج سكريبال، والنتائج السريرية المشابهة في هذه الحالات، لعبته جودة الرعاية الأساسية، وقيام فريق كبير من الأطباء بالعلاجات الرائعة، وتفاني الممرضات لدينا”.
وقال دنكان موراي، رئيس وحدة العناية المركزة في المستشفى في سالزبوري: “أعتقد أيضاً أن دعم وإسهام خبراء دوليين جيدين جداً ومطلعين، كانوا متواجدين لحسن الحظ في بورتون داون، ساعد في هذا الأمر”.
وهنا يطرح السؤال العفوي: إذا كانت حالة سكريبال خطيرة للغاية في بادئ الأمر، فكيف تمكن الأطباء البريطانيون من شفائه تماماً؟ ولماذا تم إخراجه مع ابنته بسرعة نسبية من المستشفى؟.
والجواب قد يكمن، ليس فقط في ملابسات تسميم هذا العميل السابق، بل وفي طبيعة المادة التي جرى تسميمه بها، وما إذا كانت من إنتاج بريطاني يملك سرّه مختبر بورتون داون وحده.
من الجلي حتى الآن أن الرواية الرسمية البريطانية لحادثة تسميم سكريبال وابنته غير مكتملة الأركان وغير متقنة الحبكة، لذلك فإن الوقائع والحقائق التي سيتكفل الزمن والمصادفات والاعترافات غير المقصودة بكشفها ستؤدي إلى كشف الخداع البريطاني في اتهام روسيا بهذه الحادثة، خاصة وأنها ليست هناك واقعة واحدة، ولا حتى قرينة أو شبه قرينة يستند إليها الاتهام البريطاني الذي تكمن وراءه دوافع سياسية وأحقاد تاريخية، وليس وقائع مادية ثابتة وملموسة.