ثقافةصحيفة البعث

مسرحيات أبي خليل القباني

 

“مسرحيات أحمد أبي خليل القباني” عنوان الكتاب الصادر حديثاً من تحقيق وتصحيح ودراسة محمد بري العواني، وجاء في كلمة الناشر: “لم يعد أحمد أبو خليل القباني نكرة في تاريخ المسرح العربي، ولم يعد مجهوده الإبداعي خلال 17 سنة في مصر خافياً على أحد.. إن تحقيق هذه النصوص يميط اللثام عن معظم أسماء الشعراء الذين استعار القباني منهم أشعارهم، كما يكشف أن معظم الموشحات التي نُسبت إلى القباني ليست له بعد ردّها إلى مصادرها، غير أن ميزة القباني الإبداعية تكمن في توليف جميع المقبوسات في نصوص مسرحية لقيت رواجاً جماهيرياً وأدبياً وفنياً ونقدياً من أدباء وشعراء ومسرحيي ومثقفي عصره، كما لقيت إطراءات ونقداً سلبياً من باحثين ونقاد في القرن العشرين لم يقرؤوا القباني برويّة وتأمّل فوقع عليه ظلم وحيف كبيران.. وهذا التحقيق يجلو حقيقة إبداع القباني ويؤكد عظمة ريادته ونُبل جهوده التنويرية، كما يؤكد رهافة روحه ومشاعره وعمق وشمول موسوعيته الأدبية والفنية التي تتجاوز ألف ليلة وليلة إلى ديوانَي الشعر والنثر العربيين العظيمين ليؤكد هذا التحقيق في المآل الأخير أصالة الذات الإبداعية للقباني”.

تحقيق وضبط
وبيّن العواني في مقدمة الكتاب أن نصوص مسرحيات أحمد أبي خليل القباني البالغة ثمانية نصوص والتي نشرها د.محمد يوسف نجم في كتابه “المسرح العربي-دراسات ونصوص” عام 1963 عن دار الثقافة في بيروت نشرها نجم ولكن دون أن يشير في مقدمة الكتاب إلى مصادره التي أخذ منها هذه النصوص، ونوه إلى أن وزارة الثقافة-الهيئة العامة السورية للكتاب نشرت عام 2008 كتاباً اسمه “جهود القباني المسرحية في مصر” للدكتور محمد سيد علي إسماعيل ضمَّ سبعة نصوص مسرحية مسقطاً نص مسرحية “حيل النساء” (أو لوسيا) وقد بذل إسماعيل فيه -برأي العواني- جهداً عظيماً لإعداد هذه النصوص للطبع بعد تنظيفها وإزالة السواد من صفحاتها فنشرها كما هي لوضعها بين أيدي الباحثين والدارسين والمحققين لتحقيقها وضبطها وتصحيح أغلاطها وأخطائها التي نجمت عن الناسخ والطابع، وعلى هذا عزم العواني على تحقيق وتصحيح هذه النصوص بالتحديد على الرغم من أن د. نجم قد نشر نصوص القباني لأنها برأيه مطبوعة ومؤرخة وصادرة عن دور النشر المصرية المعروفة آنذاك.

أسلوب القباني
وأكد العواني أنه صحَّح ودقق النصوص في كتابه من دون الإضرار بأسلوب القباني وتخريج أشعارها وموشحاتها وقدودها وحكايتها بألفاظها أو بمعانيها، مع اجتهاده في ردِّ حكاية المسرحية إلى مصدرها التاريخي أو الأسطوري أو الشعبي إذا كان لها أصل أو مصدر، مع إشارته إلى أنه حاول الحفاظ على لغة القباني المسرحية كما وردت في النصوص إلا ما كان منها يحتاج لتصحيح، مع شرح معاني بعض الألفاظ، وخاصة ما كان منها لفظاً شامياً أو مصرياً بيئياً، وكذلك المحافظة على أسلوب السجع الذي كان سائداً يومها، مع ضبط النص ضبطاً تاماً بالحركات الإعرابية ضماناً لحسن وسهولة القراءة وإدراك المعلومة، إلى جانب تعريفه بالشعراء والكتّاب والأدباء الذين وردت لهم أشعار في نصوص القباني، مع تقديم نبذة تعريفية بهم، كما وثّق العواني في الكتاب جميع العروض المسرحية التي قدمها القباني في مصر مع ذكر الأمكنة والأزمنة التي أعلنتها الصحافة المصرية منذ عام 1884 إلى عام 1900 إلى جانب ترتيبه لهذه النصوص بعضها خلف بعض بدءاً مما كان القباني قد عرضه في دمشق “ناكر الجميل” الذي قدمه عام 1871 علماً أن العواني بدأ كتابه بالحديث عن مصادر ومراجع القباني لتبيان رهافة ذائقته اللغوية والشعرية التي تجلت ناصعةً في اختياراته المتعلقة بموضوع الحب والعشق الذي يشكل الموضوعة الأولى في مشروعه التنويري بعامة وفي نصوصه المسرحية بخاصة.

الرائد العظيم
تحت عنوان “موضوعات القباني المسرحية” بيّن العواني أن الباحثين درجوا على نعت موضوعات القباني بالرجعية لأن أبطالها من علية القوم كالخلفاء والأمراء والوزراء والقادة، موضحاً أن القارئ الحصيف لنصوص القباني سوف يكتشف أن هذا الرائد العظيم قد ألح على تكرار ثلاثة موضوعات خطيرة في آن واحد وفي جميع نصوصه المتوافرة بين أيدينا وهي موضوع الحب والعشق أي موضوع علاقة الرجل بالمرأة وعلاقة احترام وتقدير بشكل عام وتحتل جميع صفحات المسرحيات حتى أنها لتبدو الموضوع الأكثر حضوراً وفعالية، وموضوع الصداقة أي علاقة الصديق بالصديق من خلال الوفاء والصدق والأمانة والشرف والنبل، وموضوع السلطة السياسية أي علاقة الراعي بالرعية بما يحقق العدل والمساواة ويقيم الحق بين جميع الناس.
الكتاب صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب في وزارة الثقافة ويقع في 846 صفحة من القطع الكبير.

أمينة عباس