اقتصادصحيفة البعث

الحرب تزيد كلفة استيرادها وتفقدها من السوق.. تحـــدي تصنيـــع المـــواد الأوليـــة الدوائيـــة يفرض نفســـه كخيـــار لابـــد منـــه!

دمشق – فداء شاهين

طالما أظهرت الحروب والأزمات التي تتعرض لها بعض الدول العربية ومنها سورية مدى الحاجة الماسة للاكتفاء الذاتي من صناعة الأدوية بمختلف أنواعها التي فقدت أصنافها النوعية من السوق الدوائية بسبب الحصار الأوروبي الاقتصادي على البلاد، ما أدى إلى صعوبة وصول المواد الأولية لمعامل الإنتاج، وتوقف قسم منها عن التصنيع لتنشط السوق السوداء، في وقت يتساءل البعض عن عدم قيام مثل هذه الدول بإنتاج المواد الأولية والاكتفاء الذاتي حتى لا تبقى رهينة الدول الأوروبية!

ليس بالسهل!

لم يخفِ أمين سر نقابة صيادلة سورية الدكتور طلال العجلاني أن تصنيع المواد الأولية ليس بالأمر السهل، ففي حال لم يتم تصنيع وتسويق الكميات الكبيرة فلن تكون مجدية اقتصادياً، مشيراً لـ”البعث” أن إنشاء معملين في دولتين عربيتين –على سبيل المثال- لنفس المواد سيتعرضان للخسارة، معتبراً أن المنافسة تنتفي في هذه الحالة كون أن نجاح المعمل يتوقف على تشغيله على مدار 24 ساعة ما يستوجب بالنتيجة تأمين التسويق والتصدير.

معملان فقط!

وبين العجلاني أن مصر وسلطنة عمان أصبحتا تصنعان بعض المواد المحددة فقط، ففي سلطنة عمان –مثلاً- يتم تصنيع المواد الأولية للمضادات الحيوية، منها اموكسيسلّين – امبيسيلّين – سيفاليكسين التي يتطلب إنتاجها معامل كبيرة ذات تكاليف عالية، أما إنتاج المواد الفعالة الداخلة في صناعة الأدوية فمحصور بمعملين اثنين فقط على مستوى العالم، ومن الممكن أن يحصل تلاعب وغش في المواد الأولية لجهة تغيير مدة الصلاحية، في حين أن المواد الأولية الأخرى تستوردها الدول من الهند والصين، مشيراً إلى أن معامل الدول الأوروبية موجودة أيضاً في الهند والصين.

صعوبات

وتتمثل الصعوبات التي تعرضت لها البلاد بحسب –العجلاني- بزيادة كلفة استيراد المواد الأولية بشكل كبير، إضافة إلى الطريق الطويل التي ترسل عبره المواد؛ حيث تصل إلى دبي أو دولة أخرى في الخليج العربي، ومن ثم تنقل إلى بيروت، ولاحقاً إلى الحدود السورية، على أن يتم تسديد 50% كدفعة أولى عند التوصية، وتسديد كامل المبلغ قبل الشحن، علماً أن وصولها يستغرق شهرين أو ثلاثة. وأشار العجلاني إلى وجود تعاون مع روسيا في مجال الأدوية دون المواد الأولية كونها مكتفية ذاتياً، لافتاً إلى أنه على الرغم من صعوبة تصنيع المواد الأولية، فإن التصنيع الدوائي في سورية أصبح ممتازاً ويتحسن تدريجياً.

توضيح تعبوي!

أمام هذا المشهد حاولنا الوقوف على ما بحوزة وزارة الصحة من خطط لتبني فكرة إمكانية تصنيع المواد الأولية مستقبلاً، لتكتفي مديرة الرقابة الدوائية في الوزارة الدكتورة سوسن برو بالقول: إن الوزارة تشجع على إقامة معامل لصناعة المواد الأولية وكل ما يلزم لدعم الصناعة الدوائية المحلية، مشيرة إلى أن العدد الكلي للمعامل الدوائية في جميع المحافظات بلغ 89 معملاً.

استراتيجي

وضع رئيس الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي الدكتور شادي خطيب مسألة تصنيع المواد الأولية التي تدخل في تصنيع الأدوية ضمن نطاق العمل الاستراتيجي، مشيراً إلى أن سورية ومن الناحية العلمية تزخر بكفاءات علمية تستطيع القيام بهذه العملية ضمن كليات الصيدلة المنتشرة في سورية، ولكن المشكلة في الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع لكون الكلفة الإنتاجية لكميات محدودة أعلى بكثير من كلفة إنتاج كميات كبيرة كما في الهند والصين، لكن بعض الدول العربية بدأت بمثل هذه المشاريع مثل سلطنة عمان.

جهود

وبين خطيب لـ”البعث” أن هناك جهوداً من وزارة الصحة لتشجيع هذه الصناعة نظراً لتطور صناعة الأدوية وانتشار المعامل ذات الكفاءة العالية، وكذلك هناك جهود لاستخلاص المواد الفعالة من النباتات الطبية السورية تقوم بها الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي بالتعاون مع جميع الجهات ذات الاختصاص نظراً لانتشار النباتات الطبية المميزة في البلاد، مثل استخلاص الخلين من الخلة السورية، والزيت العطري من الوردة الدمشقية، وخلاصة اللبلاب الطبي وغيرها من المواد الفعالة النباتية بكميات تجارية.