تطور علاقات موسكو- واشنطن لا يتم عبر المصافحات
ترجمة: سلام بدور
عن موقع فالداي كلوب 28/6/2018
دخلت العلاقات الروسية- الأميركية في أدنى مستوى لها منذ ربع القرن الماضي، ما يستدعي إصلاح الضرر الذي لحق بهذه العلاقات مؤخراً. لكن من المنطقي جداً ألا يتمّ ذلك من خلال اجتماع واحد أو عدة مصافحات أمام كاميرا التلفاز، بل هي بحاجة لوضع أسس للتعاون في المستقبل بحيث تكون موسكو وليس فقط واشنطن مستفيدة من هذه العلاقات.
ولعلّ زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى موسكو رغم اعتراض بعض أعضاء الدولة العميقة في أمريكا، وبعض الحلفاء الأمريكيين، ما هي إلا تجسيد لرغبة ترامب ومزاجه الحاسم في عقد اجتماع مع فلاديمير بوتين في القريب العاجل.
أغلقت الأبواب على محادثات بولتون مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين، وتمّت مناقشة بنود محدّدة في جدول الأعمال، إضافة إلى القرارات التي يمكن اتخاذها في القمة المرتقبة بين الرئيسيين بوتين وترامب، ومن المنطقي أن يكون هذا دليلاً على رغبة واشنطن في الوصول إلى نتيجة حتى لو كانت متواضعة في مؤتمر القمة المقبل.
وقد أشارت معظم التسريبات، إضافة إلى ما قاله المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إلى أنه تمت مناقشة عدة مسائل خلال الاجتماع تحضيراً للقمة كالأمن الدولي، ونزع السلاح، والمشكلات الإقليمية، فضلاً عن العلاقات الثنائية بين البلدين. كما قام المتفاوضون بمقارنة الملاحظات بشكل واضح، وتحديد مجموعة من الموضوعات التي يمكن إجراء الحوار فيها كالوضع في سورية، وشرق أوكرانيا، ودعم عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية، وآفاق معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، كما تمّ طرح موضوعات غير متوقعة كالوضع حول “إسرائيل”. أما بالنسبة لموضوع التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية والذي يُصرّ بعض السياسيين الأمريكيين على إثارته بشكل دائم فمن المرجح أن يبقى خارج جدول الأعمال.
إن المرحلة التي تمرّ بها العلاقات الروسية الأميركية تتطلّب من أمريكا التخلي عن منطق التصعيد، وتهدئة الوضع، وبناء نظام جديد من الثقة مع روسيا من خلال وضع سلسلة خطوات تدريجية أو حتى رمزية باتجاه موسكو. وبطبيعة الحال لن يكون ذلك سهلاً إذ أنه يعتمد على التغلّب على المقاومة الشديدة لبعض السياسيين قصيري النظر في واشنطن وبعض حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا والذين يصرّون على إثارة مشاعر “الرهاب” الروسي باستخدام الأساليب القذرة ضدها. ومن المهم أيضاً تطبيق القرارات التي سيتمّ اتخاذها في القمة المقبلة، وعدم عرقلتها كما فعل الجانب الأميركي عدة مرات من قبل، لأن هي تلك الطريقة الوحيدة لوضع الأسس المستقبلية للعلاقات الروسية- الأميركية بحيث لا تكون واشنطن المستفيد الوحيد منها بل موسكو أيضاً.