ثقافةصحيفة البعث

موسم الصيف التشكيلي في فضاء الحياة 

 

يعتبر الصيف  فصل العطل والاستجمام والسياحة ووقت الترفيه المقترنة بالشاطئ والبحر، ولم يعهده البعض أن يكون موسما تشكيليا، ويعترفون بالفترة الممتدة من منتصف الخريف إلى الربيع كموسم للفن التشكيلي.

أما واقع الحال  فقد بدا مختلفا من سنوات قريبة حيث أضحت مهرجانات الصيف تتضمن برنامجا تشكيليا فيه ملتقيات للنحت والتصوير الزيتي وأعمال تشكيل منحوتات الرمل على الشاطئ ، وفي جردة حساب لهذه الأنشطة التي شهدتها أكثر من محافظة سورية من العاصمة دمشق وصولا إلى اللاذقية وحمص بمهرجان القلعة والوادي.

بداية من الحدث  الفني المميز لهذا العام حيث أقامت بلدية جرمانا في ريف دمشق ملتقى النحت على الحجر ونجحت في استضافة أكثر من عشرين فنانا محترفا في هذا المجال من الفنانين السوريين الذين يشهد لتجربتهم أعمالهم النحتية وسيرتهم الفنية المميزة في المشهد الفني السوري، فقد قدموا من عدة أماكن في سورية وتمكنوا خلال وقت الملتقى المحدد من تنفيذ الأعمال النصبية الحجرية التي ستتوضع في أماكنها في بلدة جرمانا، وقد حقق الملتقى نتيجة طيبة فتميزت أعمال كل من النحاتين أبي حاطوم – محمد بعجانو – سمير رحمة – إياد بلال وغيرهم. كما حققت بلدية جرمانا تقدمها بالفكرة والتحقيق على المستوى المحلي قياسا للبلديات التي كان من الممكن أن تقوم بخطوة مشابهة، علما بأن جرمانا مدينة تفتقر لتلك الساحات والحدائق والأرصفة الواسعة، فضلا عن أنها غير سياحية مثل سواها من تلك المدن التي تمتلك إمكانات دعم وتحقيق أي ملتقى أيضا، ومن الجدير بالذكر  أن فن النحت مكلف ويحتاج لدعم مالي وتعاون من أكثر من جهة اقتصادية ورسمية، وحضور فاعل للمجتمع المحلي كداعم أساس معني بتطوير وتزيين المرافق والساحات، مثلما هو مسؤول عن إحداث واقع جديد متآلف مع الفنون الجميلة  والتماثيل.

أما الملتقى الثاني والذي لا تزال فعالياته قائمة في حديقة تشرين ويأتي تحت شعار سورية تجمعنا متضمنا عدداً من الأنشطة والفعاليات السياحية والثقافية – معرض الزهور– فقد شارك فيه عشرة نحاتين ويماثلهم بالرقم المصورين الزيتيين, حيث فضاء الورش أمام الجمهور وزوار الحديقة، مما يحقق الفائدة الكبيرة بالتواصل بين الفنان والمتلقي، ومن المشاركين مفيدة الديوب والنحات هشام المليح ولبنى أرسلان وسيماف حسين، وتعتبر تجربة الفنانين مفيدة لبعضهم حيث يتحاورون ويشاهدون خبرات بعضهم كيف تجلت في مراحل إنجاز العمل.

وفي صالة الرواق العربي افتتح معرض بدعوة من فرع دمشق لإتحاد الفنانين التشكيليين، كما افتتح معرض “المقاومة خيارنا” في دار الأوبرا بمشاركة عدد كبير الفنانين ومن أجيال مختلفة ومنهم من بلدان عربية أخرى.

ومؤخراً اختتم في اللاذقية ملتقى النحت على الحجر الرملي حيث توضعت منحوتات من الرمل على شاطئ نادي اليخوت بالمدينة الرياضية باللاذقية، مشهد لا يتكرر ولا بالحلم سوى مرة واحدة بالعام مع الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية.. نحاتون ونحاتات من مختلف المحافظات والأجيال يحولون كتل الرمال الذهبية بشهادة الشمس وموج البحر وبعض الواقع مع كثير من الخيال إلى فضاءات من المتعة والسحر.

في حمص وضمن فعاليات مهرجان القلعة والوادي السياحي والثقافي تحرص مديرية السياحة على مشاركة الفن التشكيلي فيه، فقد أنجز الفنانون لوحاتهم في منطقة نبع الفوار حيث سيقام المعرض لأعمالهم، حيث تناولوا القيم الجمالية للمكان الذي تمتزج فيه معاني القلعة والجبل بحميمية الوديان والينابيع والغابات البرية، وشارك قي هذا النشاط التشكيلي فنانون من دمشق والسويداء وحمص والقنيطرة ومنهم:  ليليان بلان –  مجد مكارم – أحمد الصوفي – عيسى سلامة – أميل فرحة..

هذه بعض من أنشطة ثقافية تشكيلية سياحية ضمن عائلة نشاط مجتمعي ترعاه الجهات الرسمية، جعلت من فصل الصيف فصلا لائقا بالحياة والإنتاج الثقافي، ومتجاوزا لفصلية الأنشطة التقليدية التي تراعي مواسمها المعروفة، وهذا مؤشر قوي على رغبة وتوق السوريين لجعل الحياة بعناصرها الجميلة مليئة بالثقة والحب والإبداع وتجاوز آثار الحرب والخوف.. حتما تنتصر الحياة وتنتصر سورية.

أكسم طلاع