التقاطع مع سينما المؤلف
تساءل كثيرون عن جناح المؤلفين في معرض الكتاب الذي اختتمت فعالياته منذ أيام، وربما يطرح تساؤل حول التقاطع في جانب ما بين كتاب المؤلف وسينما المؤلف، فالكاتب يتبنى كتابه منذ المرحلة الأولى بعد الحصول على الموافقات ليطبعه ويختار نوعية الورق ولوحة الغلاف، ثم ينشر الكتاب ويطرحه للبيع، وكذلك المخرج الذي يكتب السيناريو ويخرج الفيلم برؤيته التي دوّنها على الورق، ويقوم بكل مراحل العمل الفني الدرامي لتنفيذ إخراج الفيلم، إلا أنه في أغلب الأحيان يجد الجهة المنتجة، وفي أحايين ينتج الفيلم على حسابه الخاص.
وخلال تواجدي في معرض الكتاب استوقفني جناح المؤلفين الذي اعتقدت أنه يعنى بالمواهب الأدبية الشابة لاسيما أن الشباب فرضوا حضورهم القوي من خلال توقيع كتب القصة والشعر والنصوص المفتوحة حتى الرواية، لكن كما ذكرت الكاتبة ماجدة عبد الحق المسؤولة عن الجناح فإنه ضم كتباً لأسماء لامعة في مجالات عدة مثل الكاتب ناصر قنديل، ود. عماد فوزي الشعيبي ود. محمد سعيد خورشيد ود. معن النقري، وغيرهم، إضافة إلى مجموعة من الكتّاب الشباب، جميعهم أصدروا كتبهم في مجالات فلسفية وسياسية وعلمية وأدبية ووجدانية، وهي ظاهرة إيجابية للكاتب المعروف وللناشئ أيضاً للتعريف بمنتجه في أيّ مجال دون انتظار جهة خاصة أو رسمية لتتبنى الكتاب وتوافق على نشره، وفي الوقت ذاته يتحكم فيها الكاتب الشهير باحتكار كتابه وعرضه وتسويقه كما يرغب، وفي كل الأحوال هي ظاهرة ترفد حركة التأليف والنشر.
والأمر الجميل أن المسؤولة عن الجناح ماجدة عبد الحق أصدرت ضمن تجربة كتاب المؤلف ثلاثة كتب وقّعتها بالجناح أثناء أيام المعرض، مجموعتها القصصية”قصص قصيرة” إذ أرادت أن تحمل هذا العنوان لأنها تجمع بين قصص عاطفية وجدانية واجتماعية مثل”حديث الروح” وقصص واقعية مستمدة من أحداث الحرب الإرهابية التي عاشتها سورية بكل جغرافيتها، تناولت فيها أوضاع المهجّرين من منازلهم بسبب الاشتباكات وما نتج عنها من ظاهرة خطرة نشأت مع هجرة الشباب إلى خارج سورية، كما تطرقت إلى الحبّ في زمن الحرب، وإلى الحب المرتبط بالمكان مثل قصة “تحت ظلال الياسمين”، وعادت إلى التراث الدمشقي القديم عبْر قصة “اعرني كتفك” وهي حالة إنسانية تنم عن التعاطف والتعاون للاستمرارية بحياة مشتركة حينما يطلب الجار من جاره في حارات دمشق الممتلئة بالحب والحنان والياسمين، أن يبني سقفاً بين حائط منزله وحائط الجيران في المساحة الفارغة بينهما لبناء منزل صغير ليزوج فيه أحد أبنائه، وشكّلت هذه الحالة فيما بعد جزءاً من النسق المعماري لحارات دمشق، والقصة الأجمل “عازفة البيانو” التي تسرد حكاية امرأة أهملها زوجها بسبب مشاغله وأعماله وسهراته الاجتماعية فتجد ملاذها بالبيانو القديم الذي يشغل حيزاً من المنزل للزينة، فتقرر أن تتعلم الموسيقا واستطاعت بعزفها الجميل أن تعيده من غيابه إلى المنزل وإلى روحها المتعبة. كما أصدرت الكاتبة “إشراقات الروح” وهي مجموعة خواطر تحمل كل خاطرة فكرة وجدانية، إضافة إلى كتاب “عشق الحياة” وهو حواريات بين الرجل والأنثى في كل الحالات الإنسانية التي يعيشانها معاً.
ملده شويكاني