الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

موسيقا الزمن الجميل في قالب جديد

 

رائعة أم كلثوم “فكروني” كانت حاضرة في انطلاقة جديدة لسلسلة موسيقا الزمن الجميل في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بالغناء المباشر والعزف والتحليل واستضافة الأصوات لتأخذ طابع الأمسيات الغنائية بدلاً من الاعتماد على مقاطع الفيديوهات.

بدأ الباحث وضاح رجب باشا الانطلاقة الجديدة بالغناء والعزف على العود بمرافقة عازف الرق في أجواء طغت عليها رومانسية المفردات المعبّرة عن قصة حبّ عاشت مرحلة الهجر والفراق والبعد، فباحت موسيقا الكلمات بالانكسار العاطفي ومكاشفة الذات بالحبّ الخفي النابض بين الأضلاع لتصل إلى “مهما جرى روحي فيك” وينتهي المنولوج بلقاء الحبيبين”حبك للأبد ملوش نهاية”.

وعن أهمية هذه الأغنية- كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد وألحان محمد عبد الوهاب في موسيقا الزمن الجميل، بيّن بأنها من الأغنيات الصعبة التي لم يتصدَ لغنائها أحد بعد أم كلثوم، وتعود إلى عام 1966 في زمن غنت فيه أغنيات من تلحين السنباطي والموجي، أدخلوا فيها الآلات الغربية لتطغى على الأوركسترا الشرقية، فجاءت كرد من عبد الوهاب على تقنية استخدام الآلة الغربية وتوظيفها بشكل صحيح بعوالم الموسيقا الشرقية، وأوضح بأن إنصات الجمهور للأغنية التي تجاوزت نصف قرن ومازالت تؤثر بأحاسيس الجمهور تدل على أن مجتمعنا الموسيقي بكل شرائحه وأجياله يستمتع بزمن الموسيقا الجميل.

ومن خلال التداخل بين الغناء والتحليل تحدث الباشا عن نمط الكونشيرتو الذي اعتمد عليه عبد الوهاب في المقدمة الموسيقية، وحوّله إلى كونشيرتو رباعي للغيتار ثم الكمان ثم الناي ثم الأكورديون، والتحويل من النهوند إلى الرست بالتسليم متوقفاً عند استخدام الغيتار الذي وظّفه عبد الوهاب بذكاء.

وتابع عن بداية الغناء بمقام الرست والانتقالات المذهلة لتفريعات المقام من رست الصول إلى النكريز إلى رست ري ليعود إلى رست الصول، ثم رست ري والسوزناك، ليدخل الجمل اللحنية في المقطع الثاني بمقام راحة الأرواح وينتقل إلى مقام رونق نما فمقام الماهورخان ثم المقام المستعار، ثم يعود إلى راحة الأرواح، ليتوقف عند الجملة الموسيقية” مهما جرى روحي فيك” من مقام العجم.

الأمر اللافت الذي أشار إليه الباشا هو استخدام عبد الوهاب مقاماً استعراضياً راقصاً قليل الاستخدام اسمه”نوى أثر” المؤلف من النكريز والحجاز كرد أيضاً على طغيان الإيقاعات الغربية الراقصة آنذاك مثل”الجيرك والتانغو”، وتابع  عن تنقلات عبد الوهاب الإبداعية حينما أوجد لأم كلثوم مساحة من الحركة بالاعتماد على مقام البيات في جملة”أنا كلي حيرة” ليأتي المقطع الأخير بدخول مقام حجاز كرد والرجوع إلى الهزام لتقفل بمقام الكرد.

ملده شويكاني