خسائر فادحة في فيضانات اجتاحت نابل التونسية
تسببت أمطار غزيرة شهدتها محافظة نابل التونسية، الواقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، في فيضانات غير مسبوقة أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل، وإلحاق أضرار فادحة بعشرات الطرقات والسيارات.
وغمرت مياه بلغ ارتفاعها أكثر من 1.70 متراً بعض أحياء نابل، عاصمة شبه جزيرة الرأس الطيب (الوطن القبلي) الواقعة في شمال شرق البلاد، وأدت إلى تدمير عدد من الجسور والطرقات، وذلك إثر هطول أمطار بلغت مئتي مليمتر، ما يناهز نصف المعدل السنوي لكميات الأمطار المسجلة عادة.
وارتفعت حصيلة ضحايا الفيضانات في محافظة نابل إلى خمس وفيات، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية التونسية، التي أوضح المتحدّث باسمها سفيان الزعق أنّ ستينياً قضى غرقاً في تاكلسة على بعد نحو ستين كيلومتراً من العاصمة تونس، كما أعلن أيضاً العثور على جثة مسنّ آخر في بئر بورقبة في نابل.
كما تتردد أنباء عن مفقودين لا تزال الجهات الرسمية تتحرى أمرهم ومصيرهم، فيما أفاقت نابل على كارثة حقيقية بعد انحسار منسوب المياه وهدوء التقلبات الجوية التي سبق أن حذّرت منها إيطاليا قبل نحو أسبوع.
وقال منصف باروني المقيم في نابل: إن الأمطار لم تتوقف منذ ظهر السبت، وقد تحوّلت إلى سيول جارفة اجتاحت المنطقة، وغمرت المياه الجسور والطرقات والمنازل، وتابع: إن المياه جرفت خلال دقائق السور واجتاحت غرف المنزل، مؤكداً أن الوضع كان مرعباً، وأكد أنه توجّه مع أسرته للإقامة في فندق خوفاً من تجدد السيول، مشيراً إلى أن أحداً لم يُجب من أجهزة الإنقاذ أو شركة الكهرباء، وفي محيط منزله أعمدة الكهرباء تغمرها المياه.
والأحد تمكّن التجار من تفقّد الأضرار التي لحقت بمحالهم، وسط استمرار انقطاع شبكات الهاتف في قسم من شبه الجزيرة الواقعة على بعد أكثر من خمسين كيلومتراً من العاصمة تونس.
وأعلن المعهد الوطني للرصد الجوي التونسي أن كمية الأمطار بلغت مئتي مليمتر في نابل، ووصلت في غضون ساعات إلى 225 مليمتراً في بني خلاد في وسط شبه الجزيرة.
وهي أعلى نسبة أمطار تسجل في فترة قصيرة كهذه منذ بدء توثيق الإحصاءات في أيلول 1995، مؤكداً أنه حذّر الجمعة من العواصف.
وأعلنت الحكومة أنها أرسلت بعد ظهر السبت تعزيزات من الشرطة والجيش والدفاع المدني، كما خصصت لعمليات الإغاثة مروحيتين وسيارات إسعاف.
وأعلن المتحدّث باسم وزارة الداخلية أن شقيقتين تبلغان 24 و21 عاماً جرفتهما السيول لدى خروجهما من مركز عملهما في بئر بورقبة على بعد نحو 45 كيلومتراً من العاصمة، وقال أمير، المقيم في المنطقة: إنهما حاولتا عبور منطقة السيول للعودة إلى منزلهما، مضيفاً: إن المنطقة مهملة منذ عقود ومتروكة من دون أية صيانة.
وتعاني مناطق في تونس عموماً من بنية تحتية هشّة نتيجة الإهمال والفساد، الذي استشرى بشكل كبير بعد كانون الثاني 2011، وفشل الحكومات المتعاقبة في معالجة المعضلات الاجتماعية والاقتصادية.
وأظهرت مشاهد تمّ بثها على شبكات التواصل الاجتماعي سيولاً قوية تجرف سيارات، وتغمر أجزاء كبيرة من الطرقات في شمال نابل، وتوضّح كيف يحاول السكان عبور الطريق متشبثين بحبل خوفاً من أن تجرفهم المياه، فيما أعلنت لجنة الكوارث المحافظة منطقة منكوبة.
وصباح الأحد، أعلنت اللجنة أن المياه انحسرت بعد هدوء التقلبات الجوية، وأن الطرقات أصبحت سالكة على الرغم من تكدّس الأوحال.
وجنوباً، في منطقة الساحل، اتُّخذت إجراءات احترازية تحسباً لسوء الأحوال الجوية، لكن يبدو أن غزارة الأمطار قد تراجعت.
ومنذ منتصف الأسبوع تشهد تونس عواصف رعدية تسببت بفيضانات وبأضرار مادية، ما أثار غضب التونسيين الذين يحمّلون المسؤولية للسلطات بسبب عدم صيانة مجاري المياه وبسبب البنية التحتية الهشّة للطرقات وقنوات صرف المياه.