الصفحة الاولىصحيفة البعث

موسكو: واشنطن لا تملك إلا سياسة التهديدات!

 

 

في سياق السجال الدائر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية حول حقيقة النهج الذي تتبعه واشنطن لفرض هيمنتها على دول العالم باستخدام القوة والعقوبات، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أمس، أن واشنطن لم تعُد تملك في “ترسانة” سياستها الخارجية غير التهديدات والعقوبات، مؤكداً أن موسكو لن تعير ذلك اهتماماً.
وقال ريابكوف تعليقاً على العقوبات الأمريكية الجديدة على 12 شركة روسية: “شريك العقوبات المسعور في واشنطن يواصل فرض التدابير المعادية لروسيا، بالنسبة لنا أصبحت هذه الأخبار مجرد ضوضاء يومية، إنها سبب للملل، لكننا تعوّدنا عليها”، وأضاف: “نحن بالطبع نفهم أنه لم يعد هناك في الترسانة الدبلوماسية للسياسة الخارجية الأمريكية شيء سوى التهديدات واستخدام القوة. سننطلق من هذه النقطة عند وضع الخط المستقبلي في الاتجاه الأمريكي”.
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان الوزير سيرغي لافروف سيجتمع مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو، قال ريابكوف: “نحن مستعدون، ونحن مهتمون بذلك، لقد أكدنا هذه القضية مراراً وتكراراً، لكننا، مرة أخرى، لا نطلب عقد هذا الاجتماع”.
وأضاف: “من الواضح لنا أن الحوار ضروري لكلا الطرفين، ولكن إذا كانت لدى الولايات المتحدة وجهة نظر مختلفة لسبب ما، فهذا يعني أننا سننطلق منها الآن، وعلى أي حال، يجب على الجانب الأمريكي أن يقرر في النهاية بشأن هذه المسألة”.
بالتوازي، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو، أن نشر أمريكا قاعدة عسكرية في بولندا سيعني تدمير القانون التأسيسي للمعاهدة الموقّعة عام 1997 بين روسيا وحلف شمال الأطلسي “ناتو” التي تنص على عدم نشر قوات قتالية كبيرة على أساس دائم، وقال: “نحن ننظر بشكل سلبي لقرار نشر قاعدة في بولندا لأسباب عديدة، لأن مثل هذا القرار إذا تم تنفيذه، فسيعني المزيد من التدهور في الوضع في أوروبا”، وأضاف: “هذا سيتطلب من جانبنا اتخاذ احتياطات عسكرية إضافية تضمن أمننا بشكل موثوق في الظروف الجديدة.. لدينا إمكانيات عديدة بما فيها غير المكلفة لتعزيز أمننا”، مؤكداً أن إقامة القاعدة ستكون خطوة تتعارض مع مصالح الأمن الأوروبي.
يشار إلى أن بولندا اقترحت على الولايات المتحدة نشر فرقة مدرعة أمريكية دائمة الوجود على أراضيها من تلقاء نفسها واستعدادها لتحمّل نفقاتها.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف علّق على ذلك بالقول: إن “هذا القرار سيؤدي إلى ردّ فعل من الجانب الروسي.. وإن اقتراب البنية التحتية لحلف الناتو إلى حدود روسيا لا يدعم الاستقرار في القارة”.
يذكر أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” ينس ستولتنبرغ ذكر للصحفيين أنه ناقش خلال اجتماعه مع لافروف على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس الأول مسألة إمكانية إنشاء أمريكا قاعدة عسكرية في بولندا، فيما حذّرت روسيا من أن حشد القوات والمعدات العسكرية للأطلسي على حدودها يعدّ استفزازاً وانتهاكاً لتعهدات الحلف السابقة، ويمكن أن يؤدّي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي والعالمي.
من جهة ثانية، وصف غروشكو ما تمارسه الولايات المتحدة من ضغوط على أوروبا بشأن تعاونها مع روسيا في مجال الطاقة بأنه ضغوط سياسية غير مقبولة مطلقاً، وقال: “ممثلو الولايات المتحدة يتجولون منذ سنوات بين الدول الأوروبية، ويملون عليهم كيف ومع من يبنون التعاون في مجال الطاقة، إنها ضغوط سياسية غير مقبولة أبداً”.
وفي سياق ردّه على تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألمانيا من الوقوع في التبعية لروسيا في مجال الطاقة، أكد غروشكو أن “مشاريع الطاقة الروسية الأوروبية المشتركة تشكل عاملاً مادياً لتعزيز الأمن في المنطقة”، وقال: “نحن كنا ننطلق دائماً من أن التعاون بين روسيا وأوروبا في مجال الطاقة هو قبل كل شيء مشاريع تجارية، ومن وجهة نظر سياسية وجيوسياسية هي تخلق عاملاً مادياً لتعزيز الأمن في أوروبا.. هذا اعتماد متبادل إيجابي”.
جاء ذلك بعدما انتقد الرئيس الأمريكي خلال خطابه في الأمم المتحدة، اعتماد ألمانيا على مصادر طاقة روسية، إضافة إلى مشروع الغاز “السيل الشمالي-2″، حيث حذّر السلطات الألمانية من وقوع البلاد في التبعية التامة لروسيا في مجال موارد الطاقة، ما لم تغيّر نهجها، مبرّراً ذلك بأنه يخشى على أوروبا من الوقوع في شرك الابتزاز الروسي إذا اعتمدت عليه مطلقاً في موارد الطاقة، ما يعني أنه يريد حصة لبلاده في ذلك.