نفحة أمل بإدارات “المركزي” و”المصارف”
إذا ما قرأنا التغييرات الأخيرة التي طالت رأس هرم السلطة النقدية، وبعض مفاصل القطاع المصرفي، من زاوية ضخ دماء جديدة قادرة على إحداث فارق في أكثر المشاهد الاقتصادية حساسية، فهذا يحمّل القادمين إلى واجهة المشهدين –وهم خبرات سرعان ما لمسنا موجة من الترحيب بهم، مع الإشارة بالطبع إلى احترام أسلافهم- مسؤولية ليست بالقليلة حتماً، منوهين بضرورة لحظ عامل يساعد على الاضطلاع بمسؤوليتهم هذه وإمكانية نجاحهم بما أوكل لهم يتمثّل ببدء الاستقرار الملحوظ.
فإذا ما اعتبرنا أن الحاكم السابق نجح في تحقيق استقرار ملحوظ لسعر صرف الليرة خلال ولايته التي زادت عن سنتين، فإن خلفه بات على محك الحفاظ على هذا الاستقرار أولاً، والتطلع إلى الحدّ من الوجود الفيزيائي للنقد في الأسواق ثانياً، كون الأخير كفيل بتقليص المضاربات بالدولار إلى أدنى درجاته، وبالتالي يتيح المجال أوسع لإمكانية توظيف “الكاش” القابع بالخزائن في العملية الإنتاجية، وانعكاس ذلك على رفع قيمة الليرة السورية.
وفي سياق الحديث عن الدور المعوّل على الإدارة الجديدة للمصرف العقاري، بالتأكيد لا نأتي بجديد إذا ما عرجنا على أهمية التمويل السكني، وحلّ إشكاليات الحصول عليه والتي تتصدّرها إشكالية الثبوتيات المطلوبة للمنح والضمان، في ظل هيمنة أوراق مثل “حكم المحكمة– وكالة الكاتب بالعدل” على الملكيات العقارية التي لا يؤخذ بها، يضاف إلى ذلك تدني قيمة التمويل مقارنة مع أسعار العقارات، ما يعني أن المصرف العقاري أمام تحدّ من العيار الثقيل لتوسيع دائرة التمويل وفق صيغ تضمن حق المصرف.
ولا تقلّ مسؤولية المصرف الصناعي صعوبة عن زميله العقاري، خاصة في ظل المساعي الرامية لتفعيل الإنتاج، بالتوازي مع دمار كثير في المنشآت الراغبين أصحابها بمعاودة نشاطهم من خلال الحصول على تسهيلات ائتمانية تمكنهم من ذلك.
نسوق هذه الإشارات مع توخي الحذر من الوقوع في مطب التنظير على خبرات لم تكن لتتبوأ هذه المناصب دون عودة صاحب القرار إلى ما سبق وقدموه خلال مسيرتهم الوظيفية، فهم بالتأكيد أقدر منا على اجتراح الحلول للارتقاء بالواقع النقدي والمصرفي، لكن ما نصبو إليه من عرضنا هذا هو بثّ مسببات ما يعتري الشارع السوري من ضغوط أفضت به إلى حالة من الإحباط، وربما عدم الثقة بالإجراءات التنفيذية المزعوم أنها تصبّ في مصلحته.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com