سيناتور أمريكي: ترامب موظف علاقات عامة لدى النظام السعودي
بعد أن تحوّلت قضية اختفاء الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول قبل أسبوعين، إلى مجرّد صفقة بين النظامين السعودي والتركي، ومن ورائهم الأمريكي، دخلت الأمم المتحدة على الخط، عبر مطالبة ميشيل باشليه مفوضة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة برفع الحصانة عن المقار الدبلوماسية والمسؤولين السعوديين بما يسهم في إجراء تحقيق محايد في القضية.
وأكدت باشليه ضرورة قيام النظامين السعودي والتركي بالكشف عن جميع المعلومات المتعلقة باختفاء خاشقجي واحتمال مقتله، ودعت إلى “عدم وضع المزيد من العقبات في طريق إجراء تحقيق فوري وشامل وفعّال ومحايد وشفاف”، وقالت: “نظراً لوجود أدلة واضحة على أن خاشقجي دخل القنصلية ولم يغادرها بعد ذلك، فإن المسؤولية الملقاة على عاتق السلطات السعودية هي الكشف عمّا حدث له منذ ذلك الحين، ومن المهم رفع الحصانة على الفور عن المقار الدبلوماسية والمسؤولين الممنوحة لهم بموجب معاهدة فيينا للعلاقات القنصلية”.
وأكدت أن “الاختفاء القسري، والقتل خارج نطاق القضاء جريمتان خطيرتان للغاية بموجب القانون الدولي، ولا يتعيّن استخدام الحصانة لعرقلة التحقيقات، فيما حدث وعمّن هو المسؤول عنه”.
وكشفت أوساط في المعارضة التركية الاثنين عن وجود صفقة بين النظامين التركي والسعودي يدفع بموجبها الأخير مبالغ هائلة مقابل احتواء أزمة اختفاء خاشقجي، وإبعاد المسؤولية عن ولي عهد نظام بني سعود محمد بن سلمان في هذه القضية.
وكانت صحيفة “صباح” التركية كشفت قبل أيام قليلة أن تحقيقات سلطات النظام التركي في القضية توصّلت إلى أن التسجيلات على ساعة خاشقجي أظهرت أنه فيما يبدو تعرّض للتعذيب والقتل، بينما كشفت مصادر أمنية تركية أن مسؤولين سعوديين دخلوا القنصلية السعودية في اسطنبول في الوقت الذي كان خاشقجي داخلها، واختفى منذ ذلك الوقت.
وفي آخر التصريحات الرسمية حول القضية، قال رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان: إن بعض المواد في القنصلية السعودية في اسطنبول تمّت إعادة طلائها، بعد خاشقجي، وقال للصحفيين في أنقرة: “آمل أن نتمكن من التوصل إلى استنتاجات من شأنها أن تعطينا تفسيراً معقولاً في أقرب وقت ممكن، لأن التحقيق يبحث في أشياء كثيرة مثل المواد السامة والمواد التي تتمّ إزالتها من خلال إعادة طلائها”.
من جهة ثانية، أثار ترجيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يكون الصحفي خاشقجي قد قتل على أيدي “قتلة مارقين” انتقادات لاذعة في الأوساط السياسية في واشنطن، فكتب كريس مورفي العضو الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، عبر تويتر: “بعد سماعهم عن وجود نظرية “القتلة المارقين” السخيفة، سيسير السعوديون وراءها”، وأضاف: “لقد تمكّنوا بشكل استثنائي للغاية من تجنيد رئيس الولايات المتحدة كموظف لعلاقاتهم العامة لإطلاق هذه الفرضية”.
وأشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن كثيرين بين المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين يعتقدون أن مقتل خاشقجي المحتمل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول ما كان سيحدث “لولا الضوء الأخضر من كبار أعضاء الأسرة الملكية في الرياض”.
وحسب الصحيفة، فإنه حتى لو جاء مقتل خاشقجي “بالخطأ” تثير هذه القضية غضباً شديداً في واشنطن، حيث تزداد في صفوف الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء مشاعر العداء تجاه الرياض.
ويعتبر المنتقدون أن ترامب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر قدّما دعماً أعمى لسياسات السعودية في المنطقة، ولاسيما في اليمن، إضافة إلى تعويلهما المفرط على الرياض في تحقيق أهداف واشنطن فيما يتعلق بمواجهة طهران وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي مؤشر قوي على التداعيات الاقتصادية التي يمكن أن تتركها هذه القضية على الاقتصاد السعودي المتهالك أصلاً بفعل العدوان على اليمن، انضم الرؤساء التنفيذيون لبنوك “اتش اس بي سي” و”ستاندرد تشارترد” و”كريدي سويس” إلى قائمة المقاطعين لمؤتمر الاستثمار في السعودية المقرر هذا الشهر، وقالت متحدّثة باسم “اتش اس بي سي”: إن “الرئيس التنفيذي للبنك جون فلينت لن يحضر مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار”، بينما أكد متحدث باسم “ستاندرد تشارترد” أن “بيل وينترز الرئيس التنفيذي للبنك لن يحضر المؤتمر أيضاً”.
وأكدت مصادر لرويترز أن تيجاني تيام الرئيس التنفيذي لكريدي سويس ألغى خططاً لحضور المؤتمر الذي ينعقد في الفترة من الـ23 إلى الـ25 من تشرين الأول الحالي. ويأتي ذلك بعد قرارات مماثلة اتخذها جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان ولاري فينك الرئيس التنفيذي لبلاك روك، وهما أول مصرفيين كبيرين يقاطعان المؤتمر تجاوباً مع حالة الاستياء الشديد تجاه السعودية، كما انسحب مسؤولون تنفيذيون من قطاعي الإعلام والتكنولوجيا من المؤتمر.