أخبارصحيفة البعث

بولتون يمارس الابتزاز لحماية مجرمي الحرب

تبتز الولايات المتحدة مجدداً الدول التي تطالب بإرسال الأمريكيين لمواجهة العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويواجه جون بولتون مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب تهمة حماية مجرمي الحرب الأمريكيين والإسرائيليين من المساءلة القانونية.

في العاشر من أيلول الماضي، أخبر بولتون الجمعية الفدرالية اليمينية أن الولايات المتحدة ستعاقب المحكمة الجنائية الدولية إذا أجرت تحقيقاً كاملاً ضد الأمريكيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان أو ضد الإسرائيليين بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في الخريف الماضي، أوصت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، بفتح تحقيق كامل في احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل أطراف الحرب في أفغانستان، بما في ذلك شخصيات أمريكية.

وكان بيل كلينتون وقع على نظام روما الأساسي في الأيام الأخيرة من ولايته، لكنه أوصى خلفه جورج بوش بأنه لن يقدّم المعاهدة إلى مجلس الشيوخ للحصول على التصديق. لم ترفض إدارة بوش إرسال نظام روما الأساسي إلى مجلس الشيوخ فحسب، لكنها، ومن خلال عمل بولتون في إدارة ضبط التسلّح والأمن الدولي بوزارة الخارجية، سحبت الولايات المتحدة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في أيار 2002، ووصف بولتون العمل غير المسبوق بأنه “أسعد لحظات حياته .

في 10 أيلول الفائت، وفي نفس اليوم الذي حط فيه بولتون من قدر المحكمة الجنائية الدولية أمام الجمعية الفيدرالية، أصدر دونالد ترامب بياناً يقول فيه: إنه إذا فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً رسمياً، فإن إدارته ستبحث التفاوض على اتفاقيات ثنائية أكثر إلزاماً لمنع الدول من تسليم أشخاص أمريكيين إلى المحكمة الجنائية الدولية. وهدد بمنع قضاة المحكمة الجنائية الدولية والمدعين العامين من دخول الولايات المتحدة، وفرض عقوبات على أموالهم وفق النظام المالي للولايات المتحدة، ومقاضاتهم حسب النظام الجنائي للولايات المتحدة، وكذلك اتخاذ خطوات في مجلس الأمن التابع الدولي لتقييد صلاحيات المحكمة الشاملة.

وفي كلمته أمام الجمعية الفدرالية، وصف بولتون المحكمة الجنائية الدولية بأنها “غير شرعية”، معلناً لن نتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، ولن نقدّم أي مساعدة إلى المحكمة الجنائية الدولية. لن ننضم إلى المحكمة الجنائية الدولية. سنترك المحكمة الجنائية الدولية تموت من تلقاء نفسها. بعد كل شيء، وعن نية وقصد، أصبحت المحكمة الجنائية الدولية لا وجود لها بالنسبة لنا.

في “مذكرات التعذيب” سيئة الذكر التي كتبها جون يو أثناء عمله في مكتب المستشار القانوني في إدارة بوش، عرّف التعذيب بشكل أضيق بكثير مما يسمح به القانون. وبغض النظر عن اتفاقية حظر التعذيب، زعم يو بشكل مغلوط أن الدفاع عن النفس والأمن القومي هما دفاعان يمكن استخدامهما لتبرير التعذيب.

في عام 2014، أصدرت لجنة الاختيار المختصة بالاستخبارات في مجلس الشيوخ موجزاً تنفيذياً من 499 صفحة حول تقريرها السري عن التعذيب والمكون من 6700 صفحة. يقر بأن العديد من المعتقلين تعرضوا للإيهام بالغرق.

وينص الموجز التنفيذي على أن وكالة المخابرات المركزية استخدمت “الحقنة المغذية أو ما يعرف بـ التغذية عن طريق المستقيم”، وتم استخدام “هذه التقنية” لسيطرة المستجوب بالكامل على المعتقل”.

ومن الأمثلة الأخرى على “أساليب الاستجواب المعززة” التي تم توثيقها في الملخص، ضرب المعتقل بالحائط، والتعليق بالسقف، والإبقاء في ظلام تام، والحرمان من النوم، أحياناً مع الوقوف القسري لمدة تصل إلى سبعة أيام ونصف، وإجبارهم على الوقوف على الأطراف المكسورة لساعات، والتهديد بالإعدام الوهمي، وحبسهم في صندوق يشبه التابوت لمدة 11 يوماً، وكذلك الاستحمام في الماء المثلج وارتداء الحفاضات. وقال أحد المعتقلين “بدا مثل كلب تم تربيته في بيت الكلاب”.

إلى جانب السعي لحماية الأمريكيين من المساءلة عن جرائم الحرب، تحاول إدارة ترامب بشكل صريح حماية الإسرائيليين من مسؤولية المساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبوها.

وفي كلمته أمام الجمعية الفدرالية، انتقد بولتون إمكانية إجراء تحقيق  في جرائم  ارتكبها إسرائيليون في غزة والضفة الغربية. وقال: لن نسمح للمحكمة الجنائية الدولية أو أي منظمة أخرى بتقييد حق “إسرائيل” في الدفاع عن النفس حسب مقولة.

وأشار بولتون إلى قيام “إسرائيل” بتشييد مستوطنات غير قانونية على أنه مشاريع إسكان، وذكر أن قرار الولايات المتحدة الأخير بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، كان يرجع جزئياً إلى سعي منظمة التحرير الفلسطينية إلى إجراء تحقيق جنائي في المحكمة الجنائية الدولية. قال بولتون: إذا ما قامت المحكمة بملاحقة “إسرائيل” أو حلفاء آخرين للولايات المتحدة، فإننا لن نجلس صامتين، وهدد بالانتقام.

كشف بولتون أن الاستثناء الأمريكي دفعه إلى هذه المواقف.

عناية ناصر