اقتصادصحيفة البعث

تحييد الفاسدين !!

لفتنا في أحدى النقابات عبارة إشكالية هي: “تحييد الإدارات التي يثبت فسادها”..!
وبصراحة لم نفهم المقصود بالتحييد.. هل هو التوقف عن التعامل مع هذه الإدارات الفاسدة أم نبذها أم ماذا..؟
يُفترض أن تقوم الجهات الوصائية بكف يد الإدارات الفاسدة، وإحالتها إلى القضاء فوراً لا تحييدها..!
أكثر من ذلك يجب أن يتم منع الإدارات المتهمة بتورطها في قضايا فاسدة بموجب وثائق دامغة من مزاولة عملها واتخاذ إجراءات احترازية ضدها ريثما ينتهي التحقيق معها، لا تحييدها فقط..!
وبالمقابل أعجبتنا كثيراً في التقرير ذاته عبارة “ضرورة اختيار الإدارات التي تتصف بالكفاءة والأمانة لأنها المحرك الأساس لتطوير عجلة الإنتاج وخاصة أصحاب الكفاءات الإبداعية للحلول الاقتصادية”.
ولكي نكون موضوعيين فإنه من النادر جداً أن نعثر على إدارات تتمتع بالخبرة والنزاهة معاً..!
فالتجارب السابقة كشفت لنا أن صاحب الكفاءة والخبرة ليس بالضرورة أميناً ونزيهاً، فهو يسعى دائماً لاستغلال منصبه للإثراء غير المشروع..!
وبالمقابل فإن الإدارة النزيهة والأمينة قد تفتقر إلى الكفاءة والخبرة إلى درجة تكون فيها كارثة على الشركة والإنتاج معاً..!
الإدارة التي تتصف بالكفاءة والخبرة ـ ودائماً حسب التجارب السابقة ـ تسخر إمكاناتها لشفط المال العام دون أية مخالفة للقوانين النافذة، بدليل أن بعثات التفتيش تعجز عن إثبات تورطها في الفساد رغم كل مظاهر الثراء الذي تعيش فيه علناً دون خجل بل تفخر بترفها..!
والإدارة النزيهة والأمينة التي تنقصها الكفاءة والخبرة تتورط بأنشطة وقضايا تعود عليها بنتائج سلبية لم تقصدها أساساً مما يضطر الجهات الوصائية لإعفائها وهو إجراء الحد الأدنى بحقها..!
وفي بعض الحالات نجد أن الإدارة التي تتمتع بالصفتين معاً الكفاءة والنزاهة لا تستمر طويلاً، بل قد يتم طردها من موقعها وفق تقارير كيدية لا تجد الجهات الوصائية وقتاً للتأكد من كذبها..!
وعندما تؤكد معظم تقارير النقابات العمالية على ضرورة الابتعاد عن المحسوبيات في التعيينات الإدارية.. فإن السؤال: في ظل المحسوبيات كيف يمكن اعتماد معايير النزاهة والأمانة والكفاءة والخبرة ..إلخ؟!
وحتى بالمفهوم الذي أشار إليه التقرير العمالي: كيف يمكن تحييد إدارة فاسدة تعينت بالمحسوبيات..؟
وفي حديث الفساد… فإن أجهزة الرقابة فشلت حتى الآن بالقضاء على الفساد أو كشف الكثير من الفاسدين الذين يكادون يصيحون كالمجرمين بصوت جهوري: خذونا..!
السبب ليس قصوراً ولا تقصيراً في عمل الأجهزة الرقابية فهي تتعاطى بقضايا فساد كبيرة دائماً، وإنما المشكلة كانت وستبقى أن عملها يبدأ بعد واقعة الفساد، في حين يجب أن يكون أساس عملها منع الفساد في الإدارات العامة..!
وبالمختصر المفيد: المطلوب آليات فعالة لتحييد الفساد ومنع حدوثه.. لا تحييد الفاسدين..!
علي عبود