صحيفة البعثمحليات

المطلوب حملات توعية للفتيات وذويهن بالتعديلات الجديدة في قانون الأحوال.. أدوار متساوية في إدارة شؤون الأسرة وتنشئة الأطفال وحضانتهم

دمشق – ميس خليل نصوص مشاريع كثيرة قدمت خلال سنوات ما قبل الحرب لتعديل القوانين الخاصة بالمرأة، ومنها قانون الأحوال الشخصية، ولقد ارتبط القانون بالمرأة دائماً؛ لأنها ما تزال الطرف الأضعف في علاقاتها الشخصية، ولأن حقوقها تهدر بسبب بعض الثغرات الموجودة في القوانين، لكن اليوم وبعد حرب تركت أعداداً كبيرة من الأرامل والأيتام، والدور الكبير الذي ألقي على عاتقها خلال السنوات السبع العجاف والمكانة التي وصلت لها، بات التعديل مطلوباً أكثر من ذي قبل، ليأخذ بعين الاعتبار “البعد الجندري”  والاحتياجات الواقعية لها وللأسرة كلها، ومستفيداً من المستجدات الواقعية وتطور المجتمع، فالأدوار التي أصبحت ملقاة على عاتق الأسرة والمرأة بشكل خاص تختلف عن الأدوار التي تعود لعشرات السنين. الدكتور أكرم القش رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة أوضح في تصريح “للبعث” أن التعديلات الأخيرة جاءت نتيجة تراكم نقاشات ودراسات لها أكثر من ست أو سبع سنوات بين عدة جهات، منها الهيئة السورية لشؤون الأسرة، فكل تعديل يحتاج إلى دراسة مطولة، وكل جهة لها حقها في أخذ وقتها في النقاش والدراسة ليكون التعديل مناسباً للرجل والمرأة والأسرة ككل. وحول سؤالنا الدكتور القش عن رده عمن تحدث بأن التعديل تم بشكل مفاجئ وبسرعة وهو مابدا مستغرباً، وكثرت الأسئلة حول كيفية إقراره، كما أن التعديلات كما يقول البعض ” طفيفة”، يجيب القش أن التعديلات لم  تتم بسرعة أو بشكل مفاجئ، وإنما بنيت على دراسات ونقاشات وجلسات عمل لسنوات سواء عبر السلطة التشريعية أو التنفيذية أوالجمعيات والاتحاد النسائي ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة السورية والمؤسسة الدينية  لتظهر بالشكل التي ظهرت عليه.       وعن أهمية تلك التعديلات بين القش أن التعديلات أرست شراكة حقيقية بين الزوجين في الأسرة، وأصبح هناك نوع من الإنصاف والأدوار المتساوية بين الشريكين في تأسيس أسرتهم سواء من حيث شروط الزواج واستمراريته أو حتى من حيث إنهاء الزواج، فالتعديلات طالت عقد الزواج نفسه ومسألة تأسيس الأسرة واستمراريتها، فكان هناك خلاف بين الحد الأدنى لسن الزواج، لكن الآن فإن الأدوار الاجتماعية كلها تتمحور حول أن الشاب والفتاة متساويان، ولايوجد تمييز بينهما بناء على النوع الاجتماعي، فالتعديلات ساوت بين الرجل والمرأة في إدارة شؤون الأسرة وتنشئة الأطفال وحضانتهم. الدكتور القش تطرق إلى مجموعة نقاط تم تعديلها لعل أبرزها الحضانة التي كان حولها إشكالية بين حضانة الطفل والطفل والفروقات العمرية لتصبح في التعديلات الجديدة واحدة، كما أصبح للأم دور أفضل في الوصاية، وفي حضانة الأطفال في حال كان هناك خلاف بين الزوجين. وعن التعديل الهام جداً برأي القش فتمثل بعدم قدرة الأب على تزويج ابنته إلا بموافقة صريحة منها، وهو ماسيحد من زواج القاصرات، فالقانون أصبح يحمي الطفلة وعدم تركها أسيرة أبيها في اتخاذ قرار الزواج عنها. أما في موضوع فسخ عقد الزواج أو إنهائه، فأصبح هناك أدوار متساوية بين الزوجين، إضافة لعدم وجود مايسمى بالطلاق التعسفي، فحق المرأة مضمون في هذه الحالات، في حين أن إثبات النسب أصبح أيضاً عبر البصمة الوراثية مايضمن حق الطفل في أي عملية زواج تتم خارج إطار القانون، بالإضافة إلى العديد من التسهيلات المادية، كإعفاء معاملات الزواج والطلاق من الرسوم، والحفاظ على القوة الشرائية للمهر سواء كان مقدماً أم مؤخراً مع تقادم الزمن. القش نوه إلى  بعض الحالات التي ظهرت خلال الحرب كهجرة الزوج دون علم زوجته، فالتعديل الجديد ضمن للزوجة أن تختار البديل المناسب لها ولأسرتها في حال غياب الزوج بشكل غير مبرر. رئيس الهيئة أكد أن التعديلات لن تقف عند هذه النقاط وإنما النظر مستمر بالتشريعات والقوانين الموجودة وإعادة النظر فيها ومراجعتها بما يتفق مع حركة المجتمع وتطوره، فهناك ورشات عمل مستمرة من قبل وزارات العدل والوزارات الأخرى لتعديل القوانين المطلوبة. كما كان للدكتورة رغدة الأحمد رأي مشابه للقش في اعتبار سن الأهلية للزواج هي السن التي نص عليها الدستور ١٨ لكليهما، كما أن هناك أهمية لولاية المرأة بتزويج نفسها، ويبقى رأي الأهل عند عدم الكفاءة، بالإضافة إلى حق المرأة الوصاية على أولادها بعد الأب، ففي ذلك تخفيف الكثير من المعاناة التي تتعرض لها الأمهات جراء تدخل العصبة الذكورية، كذلك اعتبار نفقة الأبوين لازمة على الأولاد حتى مع اختلاف الدين، في حين  أن الميزة الأهم في التعديل والتي يجب البناء عليها هي اعتبار عقد الزواج شريعة المتعاقدين، ومن خلاله تستطيع المرأة اشتراط متابعة تعليمها وعملها ومشاركتها في تحمل الأعباء الأسرية المادية والممتلكات الزوجية وغيرها الكثير، وهذا بالطبع يتطلب حملات توعية للفتيات وذويهن. أما ما تراه الأحمد تقصيراً هو الطلاق بإرادة منفردة من الزوج، وعدم اعتماد التعويض عن الضرر النفسي والأدبي الذي يلحق بالنساء، وشخصياً ترى أن يكون الزواج والطلاق أمام المحاكم حصراً لا عرفياً حتى لو تم تقييده.