الصفحة الاولىصحيفة البعث

في ضربة لترامب.. الديمقراطيون يسيطرون على مجلس النواب

لأول مرة منذ 8 سنوات، حقّق الديمقراطيون فوزاً كبيراً في الانتخابات التشريعية الأميركية بمنتصف الولاية الرئاسية بانتزاعهم السيطرة على مجلس النواب، فيما احتفظ الجمهوريون بأغلبيتهم في مجلس الشيوخ، وهذا الانتصار الديمقراطي سيكبّل عمل الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة دونالد ترامب في النصف الثاني من ولايته حتى العام 2020.

فبعد عامين على فوز رجل الأعمال “ترامب” المفاجئ بالرئاسة، ودون أن تكون له أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، تقاطر الأمريكيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وكانت النتيجة فوز الديمقراطيين بـ 219 مقعداً في مجلس النواب، مقابل حصول الجمهوريين على 194 مقعداً. بالمقابل تمكّن الحزب الجمهوري من المحافظة على الأغلبية في مجلس الشيوخ، حاجزين 51 مقعداً، مقابل 43 للحزب الديمقراطي، رغم التوقّعات التي استبعدت ذلك، نظراً لحاجة الحزب الديمقراطي للفوز بولايات صوّتت لصالح ترامب والجمهوريين، مثل أنديانا وفيرجينيا الغربية ومونتانا وداكوتا الشمالية.

ويحتاج أي حزب إلى 218 مقعداً على الأقل لضمان الأغلبية في مجلس النواب، بينما يحتاج إلى 51 مقعداً لنيل أغلبية مجلس الشيوخ، وتضع هذه النتيجة الولايات المتحدة في كانون الثاني 2019 أمام كونغرس منقسم، يعبّر بشكل واضح عن مجتمع يشهد خلافات وشقاقات عميقة حول شخص ترامب نفسه، يضاف إلى ذلك أن فوز الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس النواب، سيؤهّلهم لفرض رقابة مؤسسية على رئاسة ترامب، وهو ما من شأنه التأثير سلبياً على أجندة البيت الأبيض في تمرير عدد من الملفات التي يعتبرها ترامب أساسية.

وفور إعلان النتائج توعّدت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي “بترميم الضوابط والمحاسبة التي نصّ عليها الدستور لإدارة ترامب”، وغمزت من قناة الأخير، مؤكّدة أن أمريكا سئمت الانقسامات.

ومع ذلك أعلنت بيلوسي، المعروفة بمعارضتها الشرسة لترامب وإدارته، في الوقت نفسه، أن حزبها لن يشن حرباً على الجمهوريين، وقالت، خلال مؤتمر صحفي عقدته بعد تأكّد انتقال السيطرة في مجلس النواب إلى الديموقراطيين في الانتخابات التشريعية النصفية: “الأمر اليوم يتخطى الديمقراطيين والجمهوريين. الأمر يتعلّق بترميم الضوابط والمحاسبة التي نصّ عليها الدستور بمواجهة إدارة ترامب”، متعهّدة في المقابل بـ “العمل على التوصل إلى تجمعنا، لأننا سئمنا جميعاً الانقسامات”. وأضافت: “إن الديمقراطيين سيستغلون فوزهم بأغلبية مقاعد مجلس النواب لتنفيذ جدول أعمال يحظى بتأييد الحزبين لدولة عانت بما يكفي من الانقسامات”.

وفي أول إقرار من ترامب بالهزيمة، على الرغم من إعلانه قبل ذلك أن النتائج كانت رائعة، هنّأ ترامب بيلوسي على فوز حزبها بالأغلبية في مجلس النواب.

ومن المتوقّع أن تسعى بيلوسي لمنصب رئيس مجلس النواب، والذي شغلته لمدة أربعة أعوام، بداية من عام 2007، وكانت أول سيدة تتولّى رئاسة المجلس.

إلى ذلك رحّب نائب رئيس المفوضية الأوروبية، فرانس تيمرمانس، بانتصارات الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، في تصريحات شكّلت انتقاداً مباشراً لإدارة ترامب.

وكتب تيمرمانس، على حسابه الرسمي في “تويتر” “أثلج صدري الناخبون في الولايات المتحدة الذين اختاروا الأمل بديلاً عن الخوف، والكياسة بديلاً عن الفظاظة، والدمج بدل العنصرية، والمساواة بدل التمييز”، وأضاف: “لقد دافعوا عن قيمهم، وهو ما سنفعله نحن أيضاً”.

وفي سياق متصل كتب وزير المالية الفرنسي السابق بيير موسكوفيسي، الذي يشرف على الشؤون الاقتصادية، على حسابه الرسمي في “تويتر” “تصريحاً ساخراً عن ترامب، الذي أعلن فيما مضى على “تويتر” أن الانتخابات كانت نجاحاً هائلاً”.

وكتب موسكوفيسي “فاز الديمقراطيون بمجلس النواب لأول مرة منذ 8 سنوات رغم التحيّز الكبير في تقسيم الدوائر الانتخابية لصالح الجمهوريين”، وأضاف ساخراً: “دونالد ترامب على حق “نجاح هائل الليلة”!.

ووصفت شبكة “أن. بي. سي. نيوز” الأمريكية فوز الديمقراطيين بأنه “مخرز” في خاصرة ترامب، وسيعيق بشكل قوي عدداً كبيراً من سياساته وقوانينه التي يسعى إلى تمريرها، وأشارت إلى أن فوز الديمقراطيين، هو “تاريخي” بكل المقاييس، نظراً لأنه الأول من نوعه منذ 8 سنوات بالنسبة للحزب الديمقراطي.

وسيتمكّن الديمقراطيون بفوزهم بأغلبية مجلس النواب من “فرض رقابة مؤسسية” على ترامب، وإنهاء السيطرة الجمهورية على مجلسي النواب والشيوخ، ما سيجعل تمرير الرئيس الأمريكي للأجندة اليمينية أمراً صعباً، وفقاً لشبكة “سي. إن. إن” التلفزيونية، والتي أضافت: إن خسارة ترامب ولايات كانت مؤيدة له ومؤيدة للحزب الجمهوري، يرجع إلى اللغة “العنصرية” التي استخدمها ضد خصومه في الحزب الديمقراطي، وآرائه “العنصرية” تجاه مسائل شائكة، مثل قضايا “الهجرة”، و”الاقتصاد”.

لكن مصدر القلق الأكبر، وفقاً لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست”، هو أن مجلس النواب يمكنه فعلياً هذه المرة أن يستخدم أدوات ترهيب كبرى ضد ترامب، وأن يلّوح للمرة الأولى بورقة “العزل”.

وينصّ الدستور الأمريكي على أن صلاحيات مجلس النواب لا تقتصر على التصويت على الميزانية، وإقرار مشاريع القوانين، وتوجيه الاتهامات إلى الرئيس وقضاة المحكمة العليا والتحقيق معهم، والتي يمكن أن تصل إلى العزل من مناصبهم، بل تصل إلى اختيار رئيس للبلاد، في حالة لم ينل أي مرشح أكثرية في انتخابات الرئاسة.

ولكن رغم صعوبة ملاحقة ترامب، إلا أنه يبدو أن أعضاء مجلس النواب الجدد من الديمقراطيين يسعون إلى إحراج الرئيس الأمريكي، مثل ما قاله نائب تكساس، آل غرين، من “أن مساءلة ترامب القانونية ستكون من أولوياته في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس”.