أخبارصحيفة البعث

المؤتمر الدولي لمحور المقاومة: الهرولة  للتطبيع لن تغيّر جوهر الصراع

حلب- معن الغادري:

احتضنت جامعة حلب، أمس على مدرج كلية الطب الكبير، فعاليات المؤتمر الدولي “محور المقاومة في مواجهة ثقافة التطبيع مع الكيان الصهيوني”، الذي يقيمه مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية في جامعة حلب والمستشارية الثقافية لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والسياسيين والإعلاميين في سورية وإيران وفلسطين ولبنان.

وبيّن الرفيق الدكتور إبراهيم حديد أمين فرع جامعة حلب للحزب أن المؤتمر ينعقد وسط ظروف بالغة الدقة والحساسية تشهد خلالها المنطقة أحداثاً غير مسبوقة تنبئ بوجود مؤامرة صهيوأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، وإلغاء حق العودة، وسط تخاذل وهرولة مخزية من بعض الأنظمة العربية للتطبيع خدمة للمشروع الصهيوني الذي يستهدف تفتيت المنطقة بأكملها، وأضاف: ما بين البعث والمقاومة قصة نضال مشرّفة خاضتها كوادر الحزب منذ تأسيسه قبل أكثر من سبعين عاماً دفاعاً عن سورية وفلسطين، وفي مواجهة العدوان والإرهاب والمشاريع التآمرية، مؤكداً أن محور المقاومة اليوم هو أكثر قوة ومتانة ضد مشاريع الاستسلام، وضد هذا الكيان الغاصب، ليحول دون تحقيق مآربه وخططه في تقسيم المنطقة والنيل من إرادة شعوبها الحرّة، مشدداً على أن سورية لن تحيد عن مواقفها ومبادئها وثوابتها، وستبقى في الصف الأول دفاعاً عن القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، موضحاً أن الإرهاب الذي استهدف سورية على مدى السنوات الماضية انكسر واندحر إلى غير رجعة بفضل قوة وإرادة وصمود الشعب وتلاحمه مع أبطال الجيش العربي السوري خلف القيادة الحكيمة وشجاعة السيد الرئيس بشار الأسد الذي قاد باقتدار سفينة الوطن إلى بر الأمان.

ودعا الرفيق حديد إلى رفض التطبيع مع العدو بكل أشكاله وتحت أي مسمى، وتعزيز دور الحركات والمنظمات لمقاطعة الكيان الصهيوني في كافة المجالات، والقيام بالتدابير القانونية والسياسية، وتوجيه أنظار العالم على الدوام لمحاربة هذا الكيان الغاصب والمحتل، كما دعا إلى تعزيز دور المقاومة كخيار وحيد في مقارعة الاحتلال ومواجهة مخاطره وأطماعه.

من جانبه أكد جواد تركي أبادي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية أن القضية الفلسطينية هي أهم قضية بالنسبة للأمة الإسلامية، وهي تشكّل جوهر الصراع مع العدو الصهيوني المغتصب، وهي قضية عادلة ومحقة لا بد لها أن تنتصر في نهاية المطاف، وأضاف: الحق هو رافع وقوة وصون للكرامة، والذين أرادوا الشر للشعب الفلسطيني ولكل شعوب المنطقة المناضلة والمكافحة سيلقون الهزيمة والخيبة والانكسار، وسيبقى خيار الشعب الفلسطيني التمسّك بأرضه وحقه والدفاع عن مقدساته هو الطريق لتحقيق الانتصار عاجلاً أم آجلاً، ونوّه بصمود الشعب السوري وتضحياته، وببسالة وقوة الجيش العربي السوري، وبحكمة الرئيس الأسد، الذي اتخذ قراراً شجاعاً بتصديه لهذه المؤامرة الهمجية، وأفشل كل المخططات والمؤامرات التي هدفت لتدمير المنطقة والدولة السورية، مؤكداً أن النصر الذي تحقق بحلب وعلى كامل التراب السوري ضد الإرهاب وداعميه سيبقى حاضراً على مر التاريخ، يذكّر بمعنى الفداء والبطولة دفاعاً عن الأوطان والكرامة والعزة.

ودعا السفير الإيراني إلى توحيد الصفوف والجهود والمسارات ضد المخططات الصهيونية والأمريكية والغربية التي تستهدف المنطقة وشعوبها، مؤكداً أن هذه الأرض المباركة، والتي بنت أعظم الحضارات، وكتبت التاريخ المجيد والناصع، واحتضنت كل الديانات السماوية، ستبقى مصدراً للخير والسلام.

وفي رسالة للمطران حنا عطا الله رئيس أساقفة سبسطية للروم الارثوذكس وجّهها إلى المؤتمرين من جانب المسجد الأقصى، أكد أن القدس مستهدفة ومستباحة من قبل الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني بكل مكوّناته يواجه العدو الصهيوني بصدور عارية، في حين يهرول البعض من الأنظمة العربية إلى التطبيع مع هذا العدو القاتل والمحتل لأراضينا، داعياً إلى رص الصفوف والتكاتف واستنهاض الهمم والطاقات الشعبية لمناصرة الشعب الفلسطيني، ولفضح هذه الأنظمة العميلة، والتي باتت جزءاً من المشكلة الفلسطينية، وأكد أن سورية، شعباً وجيشاً وقائداً، ستبقى عنواناً للفداء والتضحية ورمزاً للمقاومة ضد العدو الصهيوني وأطماعه وأهدافه، مبيناً أن رحلة الكفاح والنضال ستستمر حتى تحرير كل شبر اغتصبه هذا الكيان المجرم.

ونوّه الدكتور أحمد جدوع رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر أن انتصار سورية على الإرهاب غيّر كل المعادلات والمفاهيم الدولية، وأفشل كل المؤامرات التي استهدفت تفتيت وتمزيق المنطقة، داعياً إلى تشكيل منظومة فكرية تناهض ثقافة التطبيع والتفريط بحقوق الشعوب، وبخاصة حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن سورية لن تحيد عن ثوابتها، والقضية الفلسطينية ستبقى قضيتها المركزية.

خطر ترسيخ ثقافة التطبيع

بعد ذلك بدأت أعمال المؤتمر، وترأس الجلسة الأولى الخبير في الشؤون الاستراتيجية للمنطقة الدكتور مسعود أسداللهي من إيران، وألقى خلالها السفير الإيراني محاضرة بعنوان “خطر ترسيخ ثقافة التطبيع مع الكيان الصهيوني على وحدة ومستقبل الأمة”، تلتها محاضرة للأستاذ أنيس النقاش منسق شبكة أمان للبحوث والدراسات الاستراتيجية حول “دور المراكز البحثية والدراسات الاستراتيجية والنخب المنتمية إليها في مقاومة ثقافة التطبيع”، ومحاضرة للدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سورية حول “دور رجال الفكر في تحذير شعوبهم من خطر انحراف بوصلة العداء من الكيان الصهيوني باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، ومحاضرة للدكتور محمود عكام مفتي حلب بعنوان “موقف رجال الدين من انحراف بوصلة العداء من الكيان الصهيوني باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودورهم في مقاومة التطبيع الثقافي”، واختتمت الجلسة بمحاضرة للدكتور أحمد جدوع أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة حلب ورئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر بمحاضرة عن “مسار العلاقات التطبيعية على المستوى الرسمي والثقافي بين دول الخليج والكيان الصهيوني (قطر أنموذجاً)”، ومن ثم مناقشة عامة لما طرحته المحاضرات من أفكار وموضوعات.

محور المقاومة الخط الدفاعي الأول

وترأس الباحث النقاش الجلسة الثانية، ألقى خلالها الدكتور علي فياض، النائب في مجلس النواب اللبناني عن كتلة الوفاء للمقاومة، محاضرةً بعنوان “محور المقاومة الخط الدفاعي الأول ضد التطبيع رسمياً وثقافياً”، تحدّث بعدها الدكتور محمد البحيصي رئيس جمعية الصداقة الإيرانية-الفلسطينية عن “التطبيع مع الكيان الصهيوني، المعنى والمخاطر”، وألقى  الدكتور طلال عتريسي، الباحث في الشؤون الإقليمية والباحث في علم الاجتماع التربوي (لبنان)، محاضرة حول “خطر ترسيخ ثقافة التطبيع الذي تنتهجه وسائل الإعلام الرسمية والدينية الخليجية مع الكيان الصهيوني في وحدة الشعوب العربية والإسلامية”، في حين تحدّث الدكتور أحمد الحميد العنزي المدرّس في كلية الآداب بجامعة حلب عن “علاقات التطبيع بين دول الخليج والكيان الصهيوني وأثرها في المسألة الفلسطينية”، وأجاب الخبير الاستراتيجي في الشؤون الإقليمية الدكتور أسداللهي عن التساؤل المطروح “هل مكّنت عمليات تطبيع العلاقات العربية الصهيونية من إعلان يهودية الدولة”، واختتمت الجلسة بمحاضرة للباحث ناصر قنديل، النائب السابق في مجلس النواب اللبناني، أكد خلالها أن “التطبيع أشد أنواع الخيانات خطورةً “، وشهدت الجلستان نقاشات وحوارات حول ما تمّ عرضه وطرحه من عناوين وتفاصيل عامة وأفكار وقضايا إقليمية ودولية.

حضر افتتاح المؤتمر الرفيق فاضل نجار أمين فرع حلب للحزب وأعضاء قيادة فرع جامعة حلب للحزب وعدد من أعضاء مجلس الشعب وفعاليات حزبية ورسمية ودينية وفكرية واجتماعية.

تصوير- يوسف نو