الصفحة الاولىصحيفة البعث

قصة 105 أيام من جرائم “داعش”

بعد العملية البطولية التي نفّذتها مجموعة من أبطال الجيش العربي السوري في منطقة حميمة شمال شرق تدمر، والتي تمّ خلالها تحرير جميع المختطفين، الذين اختطفهم إرهابيو “داعش” من محافظة السويداء في الـ 25 من تموز الماضي، وقتل 8 إرهابيين، بعضهم من جنسيات أجنبية، وإلقاء القبض على إرهابي آخر، والسيطرة على 3 سيارات كانت بحوزة الإرهابيين، وتدمير عدد آخر من السيارات، يروي المختطفون المحرّرون هول ما عاشوه في فترة الاختطاف، وما عاناه أطفالهم.

فبين الحين والآخر ترتسم على وجه فريال عز الدين أبو عمار ابتسامة فيها الكثير من معاني الراحة والطمأنينة، وهي تجوب بناظريها على أبنائها الخمسة، وهي تعيش معهم اليوم وسط أهلها وأقاربها بعد أن حرّرهم الجيش العربي السوري وبقية مختطفي السويداء من براثن تنظيم “داعش” الإرهابي.

فريال، 52 عاماً، التي أنهكتها وأطفالها تلك الوحشية طيلة فترة الاختطاف، لم تنس زوجها سعيد وابنها اللذين ارتقيا شهداء خلال الاعتداء الإرهابي الغاشم على قريتهم الشبكي في ريف السويداء الشرقي في الـ 25 من تموز الماضي، وكانت روحاهما الطاهرتان تبثان الأمل بالخلاص القريب، وفي الوقت ذاته كان إيمان المختطفين برجال الجيش العربي السوري يشق ظلامية الإرهابيين، ويبدد الهم الجسدي، ويسد رمقهم بالأمل.

وبعد نحو ثلاثة أشهر جاءت اللحظة التي قال فيها الجيش كلمته، “تمّ تحريرنا من الخطف.. تمّت إعادة الحياة إلينا”، كما تصف فريال، وتشير إلى أن مشاعر سعادة وفرح وفخر واعتزاز ببواسل الجيش وقيادته أضاءت حياتهم لحظة تحريرهم.

ويقول الطفل رجوان، ذو الـ 11 ربيعاً، والذي كان برفقة والدته وشقيقاته الأربع المختطفات: “عندما كنا مع الإرهابيين كانوا يضربوننا بقسوة وبشكل متكرّر.. كنا خائفين جداً، وحينما جاء الجيش العربي السوري شعرنا بالأمان والسلام”، مؤكداً رغبته في متابعة دراسته ليكون على قدر المسؤولية ومساعدة أسرته الصغيرة بعد فقدان والده وأخيه.

مشاعل ومريم وماري ومانيا الفتيات اللواتي يروين ببراءة كادت أن تخنقها ظلامية إرهاب أعمى ما تعرّضن له من خوف ورعب وقسوة، حتى جاءت لحظة الفرج التي أضافها رجال الجيش إلى الزمن كنقطة علام أبدية وبداية جديدة بين أهلهم وأقرانهم، ليؤكّدن أن ما تعرضن له لم يكن لينسى بسهولة، لكنهن سيتابعن تعليمهن وحياتهن بقوة وشجاعة، متوجّهات بالشكر للسيد الرئيس بشار الأسد والجيش العربي السوري وكل من ساهم بتحريرهن.

تحرير فريال وأبنائها أثلج صدر والدتها المسنة، وأنساها اختطافهم وقلقها عليهم وحزنها على فقدان ابنتها وصهرها أيضاً خلال الاعتداء الإرهابي، وهذا ما تشاطرها فيه نهلة أبو عمار شقيقة زوج فريال، التي قالت: إن عودة المختطفات كانت أكبر فرحة ومصدر فخر واعتزاز، متوجّهة بالشكر للسيد الرئيس والجيش الذي أنقذهم وأعادهم بخير.

تفاصيل وظروف قاسية حفرت في ذاكرة فاديا أبو عمار (42 عاماً) المحرّرة مع ابنتيها شهد وميرنا، تلخّص بعضاً مما لاقينه من عذاب وجوع وعطش وخوف وبرد ورعب في البراري والصحراء بين الصخور والحجارة والحفر والمغاور، تسردها بنبرة هادئة وقوية في آن معاً، تعكس مدى إيمانها وثقتها بأنه مهما اشتدت ظروف الخطف وقسوتها وطال غيابهم، فإنهم سيعودون إلى ذويهم وحياتهم الطبيعية، وهو ما تحقق على أيدي أبطال الجيش.

فاديا، التي ارتقى ولدها قصي شهيداً خلال اختطافهم، تقول ودموع أم كليمة محبوسة في مقلتيها: أعتز بشهادة ابني، وهي فخر ووسام على صدري.. صحيح أنني أفتقده، لكن ربحنا شرفنا وكرامتنا وعدنا إلى بيوتنا معززين مكرمين.. ابني رحمه الله، لكن الكرامة لو راحت لا تعوض.

“جعت.. عطشت.. خفت” كلمات تختصر جميع عبارات وصف الإرهاب وجرائمه، تقولها الطفلة شهد جودات أبو عمار (9 سنوات)، مجسّدة معاناة أطفال صغار لم يتوان إرهابيو التنظيم الإرهابي التكفيري عن إيذائهم وضربهم وشتمهم وتجويعهم.. وبحسّها الإنساني وبفطرتها السليمة تعبّر عن اشتياقها لرفاقها ومدرستها، وتحيي الأبطال الذين حرروها.

الشيخ جودات أبو عمار، الذي عاد من سفره خارج البلاد فور وقوع الاعتداء الإرهابي على قريته، يشير إلى صعوبة الفترة الماضية عليه، ويؤكد أن ثقته المطلقة بالجيش العربي السوري الذي ضحى، وقدّم الشهداء، وحرّر مناطق سورية لم تفارقه، وكانت بشرى كبيرة عند تحرير المختطفين بسواعد أبطاله وإعادتهم بخير وسلامة.. ليضيف: كنت مستعداً لتلقي خبر استشهاد ولدي قصي.. ونحن مستعدون لتقديم عشرة ومئة شهيد مقابل أن تبقى كرامتنا وعزتنا محفوظة.

قيس ابن المحرّرة فاديا يقول: عند سماعنا بخبر تحرير المختطفين وإنهم في طريقهم إلى السويداء كانت فرحتنا كبيرة بعد الألم الذي عانيناه على فراقهم وغيابهم، معرباً عن فخره واعتزازه باستشهاد أخيه الذي صان العرض والكرامة.

وفي الثامن من الشهر الجاري قامت مجموعة من أبطال الجيش العربي السوري بعملية بطولية ودقيقة في منطقة حميمة شمال شرق تدمر، واشتبكت بشكل مباشر مع مجموعة من تنظيم داعش الإرهابي الذي اختطف نساء وأطفالاً من محافظة السويداء قبل أسابيع، وبعد معركة طاحنة استطاع أبطالنا تحرير جميع المختطفين الـ 19 وقتل الإرهابيين المختطفين.

وبعملية تحرير الرهائن الـ19 تكون السويداء طوت ملف المختطفين نهائياً، لتبقى عمليات الجيش متواصلة في منطقة تلول الصفا حتى القضاء على التنظيم الإرهابي وإعلان المنطقة خالية من الإرهاب.