اقتصادصحيفة البعث

جديدة كلياً..!

يبدو أن القطاع المصرفي على أهبة الاستعداد للولوج إلى مرحلة جديدة قوامها الأساسي “المرونة” وما يعوّل عليها من نتائج ستنعكس على هذا القطاع وما يشكله من عصب للاقتصاد الوطني، ولاسيما لجهة التعاطي الإيجابي مع مسألة التمويل الإنتاجي بالدرجة الأولى.

ونعتقد أن إدارة هذا القطاع –إن صح الاصطلاح- الذي شهد دماء جديدة ضخت برأس هرم بعض المفاصل الرئيسة -ويتوقع أن تشهد المفاصل المتبقية مثل هذا الأمر- باتت على محك وضع رؤية مصرفية عصرية تتواءم مع متطلبات المرحلة بأبعادها الإنتاجية أولاً، ولحظ مسألة التمويل السكني كمطلب شعبي ذو أبعاد اجتماعية ثانياً.

وإذا ما تم العمل بجدية على النقطة الأولى فيفترض التركيز في هذا السياق على مسألة التنمية الشاملة للجغرافيا السورية كافة، مع الأخذ بعين الاعتبار المقومات والخامات الاستثمارية في كل منطقة، في محاولة لتحقيق مستوى من الاكتفاء الذاتي أو النسبي لكل منطقة، خاصة فيما يتعلق بمشاريع الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي، وتحقيق مبدأ التكامل الإنتاجي بين المكونات والمشاريع الإنتاجية في كل المناطق.

ويقودنا هذا الأمر للحديث عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي بات يتوجب بشكل أو بآخر على إدارة القطاع المصرفي إيجاد صيغة توافقية تضمن حقوق الأطراف المعنية وتحديداً “صاحب المشروع والمصرف الممول”، تؤمن الانسياب السلس للتمويل وتغذيته الراجعة، مع الإشارة هنا إلى أن تأسيس مؤسسة ضمان مخطر القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي أعلن عنها المصرف المركزي، ستساهم بتفعيل هذا النوع من التمويل.

أما فيما يتعلق بمسألة لحظ التمويل السكني المشار إليها في البداية، فلما لا يتم العمل باتجاه توظيف قسم من ودائع المصارف في قطاع الإسكان وإنشاء ضواح سكنية كاملة..؟.

فهذه التجربة مطبقة في كثير من دول العالم على اعتبار أن المصارف فيها حرة ونظام عملياتها يسمح بذلك، أما في سورية فإن هذا الأمر ربما ينطبق حالياً على المصرف التجاري الذي تم تعديل نظام عملياته منذ عدة سنوات بحيث يستطيع أن يستثمر أمواله في أي مجال كان، ولكنه إلى الآن لم ينحُ بهذا الاتجاه ربما بسبب ظروف الأزمة وتداعياتها.

المهم أن ما يدور في أروقة القطاع المصرفي ينبئ بمرحلة يتوقع أن تكون جديدة كلياً، وقد تصدر قريباً بعض القرارات المهمة بهذا الشأن، ويؤمل أن تترافق الأخيرة مع الإعلان عن رؤية واضحة الهدف بما يخدم المسائل التنموية بالمجمل العام.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com