ثقافةصحيفة البعث

علي الدندح:  “قوافٍ” منبر ثقافي إعلامي ذو هوية خاصة

يقطف الإعلامي والشاعر علي الدندح القصيدة من ثغر القافية، تماماً كما يقطف ثمار عمله حيث يمتطي النجاح قصيدة تلو قصيدة وحلماً تلو حلم ليحلق في سماء الإعلام، صانعاً من كل كلمة قصيدة غزل تهب المشاهد أملاً وقيمة، وتجعله أسيراً لأسلوبه وعفويته وأدائه المتمكن، إذ يحمل حقيبتي الشعر والإعلام معاً ويخطو نحو الإبداع بخطوات واثقة عبر برنامجه الثقافي “قوافٍ” الذي جاء في زمن الضجيج الإعلامي ليختصر في نصف ساعة من الزمن الكثير من الثرثرة ويمنحنا المتعة والقيمة، ويخرج من عباءة التكرار بطريقة مختلفة وملونة بعيدة عن الملل وقادرة على تقليب اللحظات المحنطة في الذاكرة ومنحها روحاً وحياة، فتمتزج القصيدة والشاعر والمشاهد في برنامج واحد هو “قوافٍ” المكان والمنبر لكل من أصابته سهام الشعر والموهبة.

هوية خاصة

وتحدث الإعلامي علي الدندح -بشغف كبير- عن برنامجه الأول فقال: “قوافٍ” الذي يبث على الفضائية السورية هو تجربتي الأولى في التقديم بعد سنوات من الإعداد ومتابعة الفعاليات الثقافية التي هيأتني لأملك معلومات ثقافية غنية تثري البرنامج الذي تزامنت انطلاقته مع الهوية البصرية والدورة البرامجية الجديدة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، مبيناً أنه برنامج  ذا هوية خاصة يبتعد عن السطحية ويخوض في الخبايا ويعنى بالأقلام الواعدة والشابة التي لم يسلط عليها الضوء ولم تأخذ حقها، رغم امتلاكها حساسية الموهبة والشعر والقافية، لافتاً إلى أن مدى نجاح أي برنامج يعتمد على المتابع والنقاد والضيوف، فأحد معايير النجاح هي عندما يخرج الضيف وقد شعر بملامسة البرنامج لتجربته ومراحل حياته بشكل عميق وليس بشكل سطحي، لافتاً إلى أن “قوافٍ” لا يتناول فقط ما تم تقديمه من ثقافة خلال سنوات الحرب، فأنا لا أريد أن أقيده بأدب الأزمة لأن أي برنامج ثقافي لا يجب أن يضع لنفسه حدوداً، حتى فيما يخص الضيوف فأنا لن أكتفي بالشعراء بل سنوسع الدائرة ونتجه لكل ما يتقاطع معه من خلال دمج الموهبة والمهنة فيكون البرنامج مفتوحاً أمام كل الأجناس الأدبية والفنية، ولكل السوريين والعرب فهو في النهاية رسالة إعلامية ومنبر ثقافي إعلامي.

المعد والمقدم

يأخذنا برنامج “قوافٍ” في رحلة جميلة برفقة الشعر، ويرى الدندح بأن خصوصية البرنامج تأتي من كون المعد هو نفسه المقدم، ونحن لطالما افتقدنا هذا الشيء في برامجنا التي غالباً ما تعاني من هوة بين الإعداد والتقديم يتلمسها المشاهد وتظهر في  بعض تفاصيل البرنامج، حيث لا يلبي المذيع تصورات المعد، ولذلك عندما يكون المقدم نفسه المعد لابد سينجح البرنامج، علماً أن العملية الإعلامية متكاملة بكل ما فيها من إعداد وإخراج وتصوير وتقديم، ولا يمكن أن نفضل جهد جهة على حساب أخرى، بالرغم من أن النظرة السائدة تعطي المقدم الواجهة وهو بذلك يتحمل كل الإيجابيات والسلبيات أيضاً، ويلفت الشاعر الدندح إلى أن التقاطع والتوازن بين الجانب العملي وبين المهنة والموهبة هو سر النجاح، فعندما أكون كاتباً وشاعراً ومهنتي هي من جنس الهواية فهذا يمنح القوة برنامجي.

موعد مع الشعر

ويجد الدندح أن الأدب الشاب والقلم السوري حمل هموم بلده في هذه المرحلة وأن الأزمة السورية أنتجت أدباً كان على محمل الجدية والأهمية وهو نتاج يليق بهذا الحدث الجلل، ويليق بمجد السوريين وصمودهم كتوثيق لهذا الجرح والصبر الكبير،  مشيراً إلى أنه على المستوى الشعبي خلال الأزمة نشطت الحركة الثقافية بمختلف مجالاتها وأطلق العنان للكلمة واستطاع القلم السوري الشاب أن يكون على قدر المسؤولية، ويلفت ابن الجزيرة السورية إلى أن علاقته بالبيئة هي التي جعلته شاعراً فيقول: كل الناس يمتلكون أربع جهات إلا البدوي يمتلك كل الجهات وهو لا يمشي على طرق معبدة بل يخترع الطريق، وأنا وجدت نفسي على موعد مع الطبيعة والشعر بدون سابق تخطيط، فأصبحت جزءاَ منها حيث الهامش من الحرية والقرب من السماء، وقد كتبت بدايةً القصيدة الكلاسيكية ثم انفتحت مدارك الشعر والحياة أكثر من خلال شعر الحداثة دون أن أتخلى عن الموروث الذي تربيت عليه والذي أحمله كجواز سفر، وهو الكرم والرجولة والتعلق بالأرض فأنتجت ثلاث مجموعات شعرية (عناوين من شرفة القمر 2011، نزيف القوافي 2014، لا صوت للظل 2017 الصادر عن الهيئة العامة للكتاب) مشيراَ إلى أن ديوانه الأخير هو الأقرب إلى قلبه وفيه مجموعة قصائد من شعر التفعيلة كتبت في الأزمة لتخليد الوقائع التي مر بها الشعب السوري وتحمل رؤية جديدة وتركز على الهم الاجتماعي السوري وفيها الكثير من الخصوصية، كما أنني ضمنتها قصيدة عن أخي الشهيد فأنا أفتخر أني من العائلات التي تقاسمت الدموع والجرح السوري.

في حضرة القصيدة

في حضرة القصيدة والمهنة الإعلامية، يتبادر السؤال “العفوي” إلى الأذهان، أين يجد الدندح نفسه أكثر؟ في الشاعر أم في الإعلامي؟ فيجيب: الشاعر هو من قدمني للإعلام وأنا في النهاية شاعر وفلاح في حقل الكلمة ولا أخرج منه مهما أتيحت لي من بساتين، ولكن بالطبع الشعر هو نتاج أدبي والبرنامج هو نتاج عملي والاثنان يكملان بعضهما.

لوردا فوزي