اقتصادصحيفة البعث

الركود يسيطر على السوق العقارية والأسعار لم تنخفض! التجــــار يراهنـــون علـــى واقع الانفـــراج الأمنــــي لجذب أمــــوال المغتربيــــن

دخل سوق العقارات منذ أكثر من ستة أشهر بحالة من الركود لجهة حركة البيع والشراء، لاعتبارات يتعلق بعضها بحالة ترقب تتوخى انخفاض الأسعار، وبعضها الآخر له علاقة بتدني القدرة الشرائية، ويضاف إلى ذلك عامل أساسي يتمثل بتراجع حركة البيع والشراء إلى أدنى مستوياتها خلال فصل الشتاء..!

كالعادة

واللافت في هذا المشهد –كالعادة- هو عدم انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ باستثناء بعض الحالات المضطرة لعملية البيع، وهي في الحقيقة تكاد لا تذكر لا من ناحية عدد هذه الحالات، ولا من ناحية انخفاض الأسعار بشكل يعطي مؤشراً ما عن واقع السوق، ويعود السبب وفقاً لما تفرزه معطيات السوق إلى إحكام سيطرة تجار العقارات الذين يأبون البيع دون ما يحددون من سعر، إذ تحدث أحد التجار أن لديه عدداً من المحاضر السكنية، ويعمل على تخديمها بشكل جيد، معتبراً أن ما يضخه من أموال ومصاريف لتحسين محاضره هذه، يستحق ما يحدده من سعر لها حتى لو كان مرتفعاً بنظر البعض “فالغالي منه وفيه” على حسب قوله..!

بمنأى عن التآكل

هذا من جهة، أما من جهة ثانية فيراهن تجار العقارات على حالة الانفراج الأمني التي بدأت تعم البلاد، وما سيتمخض عنها من دخول لأموال المغتربين وضخها في السوق العقاري، وما يعزز رهانهم هو أن أموال المغتربين لم يطالها التآكل الناجم عن انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، كونها لا تزال بحوزتهم بالقطع الأجنبي، وبالتالي لديهم القدرة المالية إما على شراء العقارات بهدف اقتنائها، أو الاستثمار فيها.

خارج الإطار

وتبرز العقارات الفارهة في هذا السياق لتبدو وكأنها خارج إطار ما ينتاب السوق العقارية من تجاذبات، إذ يلاحظ أن لها بورصة خاصة بها يديرها مختصون يعرفون كيف يتعاملون مع من يعتبرون أن امتلاك منزل فخم ضرباً من البريستيج الاجتماعي، ومؤشراً على مدى الملاءة المالية لدى مالكه، وليس حاجة ضرورية وملحة حسب ما هو متعارف عليه لدى بقية الفئات، ما يجعل هذا النوع من العقارات خارج معادلة العرض والطلب في معظم الأحيان، لأن ملاك هذا النوع من العقارات لا يشترونها بغية المتاجرة بها وارتفاع أسعارها لاحقاً، وإنما بهدف (المباهاة) بها اجتماعياً في حفلاتهم وولائمهم الخاصة…!

دور المصارف

وفي الوقت الذي يحمل فيه البعض أصحاب هذه العقارات الفاخرة مسؤولية انحراف بوصلة سوقنا العقارية ولو بشكل غير مباشر، من خلال كريسهم –ولو بغير قصد- قاعدة (العقار هو الملاذ الآمن للحفاظ على السيولة) على اعتبار أن قسماً منهم يوظف جزءاً من أمواله في هذا المجال تخوفاً من أزمات محتملة ولو بعد حين، والقسم الآخر يحوِّل إيرادات أعماله إلى أصول عقارية فاخرة، بدلاً من توسيع استثماراته، ليصل الحال ببعض رجال أعمالنا إلى التركيز على المضاربة بالعقار على حساب الاستثمار في  القطاعات الأخرى الخدمية منها والإنتاجية، يرى البعض الآخر أن المصارف تلعب دوراً كبيراً بتحريك سوق العقار بما يلبي احتياجات طالبي السكن، إلا أن دورها حالياً شبه معدوم في هذا الاتجاه نظراً للشروط غير الميسرة التي كانت تفرضها في هذا الجانب، ولعل الحل الأمثل لتفعيل دور المصارف في هذا الجانب يتمثل بأن يكون هناك دعم مباشر أو غير مباشر من الدولة لهذا النوع من القروض شريطة أن يوجه لشريحة الدخول المتدنية حصراً، وذلك إما عن طريق دعم الفوائد أو عن طريق تحرير الاحتياطات مقابل قروض الإسكان، فهذا من شأنه تشجيع المصارف للدخول في هذا المضمار، مع الإشارة إلى أن قروض الإسكان مجدية وتحقق ربحية جيدة للمصرف.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com