خط الدفاع الثاني؟!
من يراقب طلبة “الإعدادية والثانوية” لحظة خروجهم من حرم مدارسهم سيصاب بالدهشة مستغرباً تصرفات البعض منهم، فإحدى الصور المؤلمة التي تلفت الانتباه، أن العشرات منهم يستلون من تحت بزاتهم علب الدخان ويشعلون لفافات التبغ عنوة دون خجل أو خوف من أحد وكأنهم يقومون بعمل بطولي يعبرون من خلاله عن رجولتهم!
مكمن الخطورة هنا والتي تستدعي دق ناقوس الخطر، أن ظاهرة التدخين في المدارس بازدياد ملحوظ ومخيف، البعض يحمّل المسؤولية لإدارات المدارس (فاقدة الهيبة) في العديد منها متهماً إياها بالتقصير، لأنها لا تمارس دورها التربوي كما يجب، حيث لا تقوم بأداء واجبها بتفتيش الطلبة عن علب الدخان المخبأة تحت ملابسهم أو في حقائبهم، والدليل أن التدخين يتم داخل حرم المدرسة وتحديداً في دورات المياه المليئة بأعقاب السجائر! وهنا يمكن السؤال بالتحديد عن غياب دور المرشد النفسي والتربوي داخل كل مدرسة، وما جدوى وجوده طالما العادات السيئة تغزو المدارس؟!
المقصد من إثارة هذه المشكلة، هو التأكيد على تفعيل الدور التوعوي الغائب في بعض المدارس باعتبارها خط الدفاع الثاني الداعم لدور الأسرة، لجهة الإقلاع عن العادات السيئة، وبالأخص التدخين، والحض على التمسك بقيمنا ومبادئنا وتعزيز انتمائنا لوطننا، وتبدو الحاجة ماسة لذلك في ظل انتشار التكنولوجيا الحديثة التي قطّعت أوصالنا وجعلتنا نعيش في جزر منعزلة حتى داخل كل أسرة، عدا عن تفشي عادات وسلوكيات لا تقل خطورة عن التدخين إن لم تكن أخطر منها وسط غياب الرقابة من الأسرة المنهمكة في تأمين قوتها اليومي في ظل هذه الظروف الصعبة!
بالمختصر، المطلوب من وزارة التربية أن تطلق حملة توعية وطنية لطلبة المدارس ضد التدخين وكل عادة سيئة وخطيرة، مع مطلع كل عام دراسي، ويروّج لها بشكل مدروس لتكون نتائجها مضمونة، وجميل أن يتوج ذلك بلقاء مع أولياء الأمور ومختصين نفسيين حتى لا تبقى الجهود مبعثرة، فبحضور على هذا المستوى سيعطي فرصة لتوسيع النقاش حول كيفية حماية تلاميذ وطلبة المدارس من عادة التدخين والإدمان عليها، وحبذا لو يكون هناك تفعيل عملي للقوانين التي تؤكد على منع التدخين في المدارس لنصل بالنتيجة إلى جيل من الشباب سليم العقل والجسد، ويحترم القانون، بمعنى نريد التربية والتعليم معاً.
غسان فطوم
ghassanfattuom@gmail.com