دراساتصحيفة البعث

ممنوع انتقاد “إسرائيل” في الكونغرس


ترجمة: لمى عجاج

عن موقع “ذا نيشن” 12/2/2019

هاجم زعيم الجمهوريين في مجلس النّواب كيفن مكارثي النائبتين المسلمتين في الكونغرس الأمريكي إلهان عمر ورشيدة طليب بسبب انتقادهما للاحتلال الإسرائيلي وسياسته في التعامل مع الفلسطينيين، وقال في عطلة نهاية الأسبوع بأنه سيسعى إلى المطالبة باتخاذ إجراء رسمي بحقهما.

لقد تعرضت النائبتان لهجمةٍ من اللوم والتوبيخ كانت أشد وقعاً من تلك التي تعرّض لها عضو الكونغرس ستيف كينغ لموقفه المنادي بالتفوق العنصري للبيض، إذ ترى النائبة إلهان عمر أن ما دفع مكارثي لإطلاق اتهاماته الزائفة ضدها هو تغريدتها التي كتبتها على تويتر والتي اعتبرها مكارثي أنها معادية للسّامية، واقتبستها من كلمات أغنية الراب “كل شيء عن الطفل بنيامين”، في إشارة إلى العملة النقدية الأمريكية لتلمح بأن مصدر هذه الأموال هو بالتحديد لجنة الشؤون الأمريكية الإسرائيلية والمعروفة بـ”آيباك” وهي أهم جماعات الضغط المؤيدة للّوبي الصهيوني. في الواقع حرّضت اللجنة اليهودية الأمريكية “آيباك” حلفاءها للمطالبة بإدانة إلهان عمر، حتى زعيمة الديمقراطيين في مجلس النّواب نانسي بيلوسي أدانت تغريدة إلهان عمر على تويتر، وردّت عليها بعبارة توبيخ لأنها تجرأت على قول عبارات تعيد إحياء المصطلح المعادي للساميّة “أموال يهودية”!.

إن لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية وشركاءها، بمن فيهم الصهيونيون المسيحيون والمقاولون العسكريون، هم الدعامات الرئيسية للاحتلال الإسرائيلي، فمن دون دعم الكونغرس والليكود والمعادين للفلسطينيين فإن المشروع المؤيّد للاحتلال الإسرائيلي سيتقوّض كلياً وبشكلٍ جذري، حيث لا يمكن التخلي عن الأموال التي تنفقها “الآيباك” وبقيّة اللّوبي الصهيوني.

 في الواقع هناك مشكلة متعلقة بمعاداة السّامية في أمريكا، ولكنّ رشيدة طليب وإلهان عمر ليستا طرفاً فيها، بل على العكس هما حليفتان لليهود في الولايات المتحدة الأمريكية لأنهم يقاتلون من أجل السلام والعدالة العرقية والمهاجرين وغيرها من الحقوق كمحاربة الفاشيّة، ولكن المعادين الحقيقيين للسّامية هم أولئك النّازيون والعنصريون البيض، وما قاموا به من أعمال قتلٍ ودهسٍ بعد واقعة مقتل الطالب الجامعي الأسود في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا والذين دافع ترامب عنهم بتغريدته على تويتر ووصفهم بأنهم طيبون، والهجوم المسلح الذي قام فيه أحد أنصار ترامب والداعمين للشعار الذي رفعه خلال حملته الانتخابية “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً” حين هاجم المعبد اليهودي في مدينة بتسبيرغ أثناء تأدية المصلّين لصلواتهم.

لقد استعرض اللّوبي الصهيوني عضلاته رداً على تغريدة إلهان عمر، فجميع من في الكونغرس دون استثناء وحتى “الكابيتول هيل” التي يقع عليها المبنى شاركوا في التصويت ضد النائبتين ورفعوا أصواتهم مطالبين بالاعتذار والإدانة، وفي مقدمتهم رئيسة مجلس النّواب، تلك القوة نفسها التي استخدموها الشهر الفائت لجمع أكبر عددٍ من الأصوات في مجلس الشيوخ للتصويت على قانون غير دستوري يحظر مجرد الحديث عن مقاطعة إسرائيل.

 إن أطفال اليهود في أمريكا يوافقون إلهان عمر ورشيدة طليب الرأي، وهذا ما يجعل اللّوبي الصهيوني يشعر بالهلع، والأولى فيه أن يكون كذلك لأن مسألة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هي قضية غير أخلاقية وغير شرعية ولا إنسانية، ولا يمكن لأي عقلٍ أن يتقبل مجرد الجدال حولها، لأجل هذا يسعى “الآيباك” ومساعدوه للعمل على إسكات الأصوات المنتقدة لإسرائيل واتهامهم بالمعاداة للسّامية، والتذرع بأنه لا يمكن لأي أحد أن يأتي على ذكر الأموال التي يستخدمها اللّوبي الإسرائيلي لتدعيم قوته.

إن الحقيقة البشعة هي أن اللّوبي الإسرائيلي وغيره من اللّوبيات القوية اليهودية وغير اليهودية على حدٍّ سواء يستحوذ على الأموال لينفقها على نحو فعّال واستراتيجي ليصبّ جلَّ غضبه على الشّعب الفلسطيني بدلاً من توجيهه إلى هؤلاء العنصريين والمتشددين، وفي الوقت نفسه يقومون بالاعتماد على الحزب الجمهوري الذي هو في الأصل معادٍ للسّامية، لكن الأمل في أن يرث الأطفال اليهود بفطرتهم الصّادقة تعاليم أسلافهم ويفتخرون بمعتقداتهم القائمة على العدالة، ويتضامنون للوقوف إلى جانب أشخاص ساميين أمثال إلهان عمر ورشيدة طليب.