دراساتصحيفة البعث

تنافس أحزاب ألمانيا على الأضواء

ترجمة: عناية ناصر
عن موقع ذا غلوب اليست 27/2/2019

الأداء غير الجيد للحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني (يسار الوسط) وتراجعه في السنوات الأخيرة، يدفع بالحزب إلى تبني سياسات اجتماعية أكثر تشدداً، ما يهدّد بانتهاء الائتلاف الحكومي الذي تقوده ميركل.
أياً كانت السياسات التي قد يتبناها الحزب، فإن تأثيرها السياسي والاقتصادي، كما يعتقد الخبراء، سيكون محدوداً، لأن السياسات الألمانية تتسم ، وإلى حدّ كبير، بتوافق الآراء بين الأحزاب الرئيسية التي يتعيّن عليها عادة أن تجمع جهودها من أجل تمرير مبادراتها من خلال مجلس البوندسترات.
تسلّط مجموعة من المقترحات السياسية التي قدمها الحزب الديمقراطي الاشتراكي وهو شريك يسار الوسط في الائتلاف الذي تقوده أنجيلا ميركل، الضوء على خطر انتهاء الائتلاف الكبير في ألمانيا قبل الانتخابات المقبلة المقررة في عام 2021. ففي “ورقة موقف” نشرت في وقت سابق، يدعو الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى عهد جديد “لدولة رفاهية جديدة”. ومن بين أمور أخرى، يقترح الحزب الديمقراطي الاجتماعي أن يتمّ دفع استحقاقات البطالة لفترة أطول، وأن يتمّ رفع الحدّ الأدنى للأجور حالياً من 9.19 يورو في الساعة إلى 12 يورو.
وكان وزراء الحزب الديمقراطي الاشتراكي قد اقترحوا في وقت سابق من كانون الثاني الماضي رفع المعاشات التقاعدية، ورفع الضرائب على ذوي الدخل المرتفع، لأن مثل هذه الخطوات ستعكس جزئياً الإصلاحات الناجحة للغاية التي قدّمها المستشار جيرهارد شرويدر في 2003-2005 بدعم واسع من جميع الأحزاب الرئيسية. ولكن منذ ذلك الحين، كانت هذه الإصلاحات مثيرة للجدل في الحزب الديمقراطي الاشتراكي نفسه، ويرجع ذلك جزئياً إلى فشل الحزب الديمقراطي الاشتراكي في قطف ثمار تلك الإصلاحات.
وفي الوقت نفسه، اقترح الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي يقود وزارة الاقتصاد خفض الضرائب، حيث كان الاحتياط المالي لا يزال وافراً، وبالتالي فإن الاقتصاد سوف يتغلب على الانكماش الحالي بشكل أفضل.
وثمّة من يرى أن الخطوة الكبيرة التي يتخذها الحزب بعيداً عن إصلاحات شرويدر تتعلق في الغالب بالسياسة، إذ يريد الحزب الديمقراطي الاشتراكي أن يميّز نفسه عن شريكه في الائتلاف الحكومي، حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الاتحاد الاجتماعي المسيحي (يمين الوسط)، وزيادة نفوذه في أي ائتلاف حكومي في المستقبل، وأخيراً يكون مستعداً لإجراء انتخابات مبكرة.
لقد كان الحزب الديمقراطي الاشتراكي، حتى الآن، يخشى مغادرة الائتلاف لمجرد أن الانتخابات الجديدة قد تعطيه نسبة أقل من الناخبين (نحو 15٪ وفقاً لاستطلاعات الرأي الحالية) مما كانت عليه في الانتخابات العامة لعام 2017 (20.5٪). ومع ذلك، يرى العديد من نشطاء الحزب أن الأداء الضعيف للحزب في استطلاعات الرأي الحالية والنتائج السيئة في الانتخابات الإقليمية في عام 2018 تظهر أن الناخبين لا يرون الحزب كبديل موثوق به لحزب ميركل. ولذلك فقد انتقل المزيد من الناخبين إلى حزب الخضر، ويبدو أن قيادة الحزب تكيّفت مع القاعدة الحزبية.
إن إسقاط ميركل وانهيار الائتلاف الذي تقوده في الانتخابات الأوروبية في 26 أيار القادم، وفي ثلاث ولايات في ألمانيا الشرقية في أيلول وتشرين الأول، هو ما يبدو مرجحاً للغاية، لكن ذلك لن يؤدي بالضرورة إلى إجراء انتخابات جديدة. وعلى الأرجح، قد ينتهي الأمر في ألمانيا بتحالف “جامايكا” من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، وحزب الخضر والحزب الليبرالي الديمقراطي.
على أية حال، إن التأثير الاقتصادي والسياسي لحزب ديمقراطي اشتراكي أكثر يسارية أو إمكانية إحداث تغيير محتمل في تشكيل الحكومة هذا العام سيظل محدوداً.