صحيفة البعثمحليات

طرطوس منطقة حرة

 

طرطوس منطقة حرة هو موضوع قديم كان على طاولة التداول نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي، لتكون على شاكلة المنطقة الحرة في بور سعيد المصرية حينها وجبل علي في الإمارات، لكن الفكرة دخلت عالم النسيان أو بالأصح التناسي لتعارضها مع مصالح البعض، وخضوعها لتأثير المتنفذين والمتضررين والمنظرين الاقتصاديين، وقد أعيد طرح الفكرة وإحياؤها مجدداً، لكن باستحياء مشوب بالتردد وخوف التفاسير المشككة عبر مطالبات غير رسمية هنا وهناك.!؟

والحقيقة أن الفكرة تبدو خلاقة وحيوية وملائمة جغرافياً وديموغرافياً ومناخياً وخدماتياً؛ فطرطوس بوابة سورية البحرية، ولديها مدينة مرفئية متطورة وتجاور الحدود اللبنانية، وفيها مكتشفات نفطية بحرية واعدة، وتمتلك بنية تحتية قوية والعديد من المشروعات السياحية المميزة القائمة أو قيد الإنجاز، ومشاريع زراعية تتنوع بين أشجار الزيتون والحمضيات والفواكه المثمرة والبيوت المحمية والزراعات الأرضية، إضافة لقربها من المدن الصناعية في حسياء في حمص، وعدرا في دمشق، والشيخ نجار في حلب، كما أنها تمتلك مساحات مهمة من أملاك الدولة المؤشر عليها عقارياً على أنها منطقة حرة في منطقة الحميدية جنوب طرطوس، وهناك شبكة من الطرق الدولية السريعة والقصيرة مع لبنان وصولاً للحدود العراقية والأردنية ومحافظات حمص ودمشق وحماة وحلب، والسكك الحديدية الواصلة إلى مرفأ طرطوس ومطار زراعي قريب من المنطقة الحرة المقترحة قابل ليكون مطاراً دولياً، عدا العمالة الأكاديمية وغير الأكاديمية الخبيرة المتوفرة بكثرة المتعطشة للعمل، ولا ننسى الإشارة إلى امتلاك أبناء طرطوس وجزيرة أرواد لأسطول بحري كبير، لكنه مهجور مع الأسف بفعل الإجراءات الإدارية المعقدة والحصار الدولي المفروض على السفن السورية، إلى جانب الملاءة المادية القادرة على استقطاب المال والأعمال من كل حدب وصوب…

باختصار نقول إن متطلبات طرطوس لتكون منطقة حرة متوفرة بقوة، لكنها تفتقد للقرار المدرك لأهمية أن يكون لدينا مدينة حرة وللنتائج المتوخاة على كل الصعد رغم الحرب والحصار.

حينها ستكون “المدينة الحرة بطرطوس” الدجاجة التي تبيض ذهباً، وتولد آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وترفع المستوى المعاشي والمعيشي لكل السوريين، وتحسن القوة الشرائية لليرة السورية وسعر الصرف أمام العملات الأجنبية، وتكون واحدة من أهم مصادر الدخل الوطني.

وإذا كانت دمشق العاصمة السياسية، وحلب العاصمة الصناعية فإن طرطوس ستكون بجدارة العاصمة الاقتصادية لسورية، وهذا بحد ذاته يشكل قيمة مضافة لا يستهان بها ونحن بأمس الحاجة إليها…

وائل علي