إياكم والرقص على مزمار ترامب !
د.صابر فلحوط
يبدو أن السلطان العثماني المعاصر – أردوغان – غير آبه بنصيحة الرئيس النمساوي الكسندر ديريبلين التي دعا فيها الأوربيين قائلاً: (إياكم، والرقص، على مزمار ترامب)!!
وهي نصيحة طافحة بالصدق والحكمة، والتجارب الناضجة التي تلخص تاريخ أمريكا، في التعامل مع أصدقائها وحلفائها، فكيف مع أزلامها وصنائعها !!.. وهيهات أن يستلهم أردوغان هذه النصيحة بالرغم من تهافته على عضوية الاتحاد الأوروبي رغم الصفعات التي تتوالى على جبينه خيبةً ورفضاً!!
ويواصل هذا الأُلعبان العثماني التعالي، والغطرسة، وإدارة الظهر لنصائح قادة الدول الذين يريدون للشعب التركي الخير، وأنه يليق به غير هذا الذي يقوده إلى مهاوي الطغيان والإرهاب، لتنظيم داعش الإرهابي، وقد أشرف على استقدام الإرهابيين ودربهم، ودعمهم بالسلاح .. كما أن زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليتشدار أوغلو يقول لأردوغان في وجهه: ( أنت تخدم الإرهاب عندما تقوم بعرض مشاهد مذبحة نيوزيلاندا الإرهابية في بيتك، وخلال لقاءاتك “الجماهيرية”..
ونعتقد أن أول من يجب أن يستفيد من نصيحة عدم الرقص على مزمار ترامب هم أصحاب النزعات الانفصالية ودعاة الحكم الذاتي مستذكرين كيف مدت أمريكا الحبل لمسعود البرزاني حتى إذا، أجرى استفتاءه في شمال العراق سحبوا البساط من تحته فأمسى على الأرض عارياً، شأنهم في تعاملهم طوال تاريخ أمريكا مع العملاء والاتباع ولو استطلع هؤلاء ما يقوله الإعلام الأمريكي عن ترامب بوصفه ( مزوراً، ونرجسياً، وكاذباً، ومختلاً عقلياً) لما استغرقوا في حلمهم الخادع، وآمالهم المثقوبة!!.
ونعود. ولن نمل، من تأكيد الحقائق لمن يرغب في رؤيتها، أن سورية العربية سبق أن قسمها الاستعمار الفرنسي إلى أربعة كيانات فقامت بثورتها الوطنية الكبرى عام 1925 وأجهضت هذه الدويلات المصطنعة وأكدت وحدتها أرضاً، وشعباً، ومؤسسات..
فكيف تقبل اليوم، وبعد انتصارها المدوي في حربها الوطنية العظمى ضد الحرب الكونية التي فرضها أكثر من مئة وثلاثين دولة في مقدمها أمريكا، والكيان الصهيوني ونواطير النفط؟.. وبعدما شهد العالم بالإكبار والإعجاب بجيشها الاسطوري بسالة وقوة، وتضحيات، وقدسية شهداء؟!. وبقيادته التي أمست مدرسة بالحكمة، والشجاعة والإبداع في معارك السياسة والسلاح؟
وهل يمكن أن تخفى حقائق الواقع على كل ذي بصيرة، وبصر، ومقدمات ومؤشرات الحسم الوشيك ضد الإرهاب، وداعميه، وضد محاولات تقسيم الوطن، والغارقين في أحلام تفتيته، بعد القمة العسكرية السورية العراقية الإيرانية وبعد الزيارة الهامة، وغير المسبوقة في توقيتها، لوزير الدفاع الروسي؟! وهل يعقل أن تكون صورة الميدان بعد الزيارة والقمة كما كانت قبلها ؟!!
أما دعاة اللامركزية الموسعة، فلا أعتقد أن لهم عاصماً وحامياً، في الشمال السوري سوى الهوية الوطنية السورية، والقيم والمبادئ التي تمسك أباؤهم، وأجدادهم، يوم جندوا جنوداً شجعاناً متمسكين بقدسية تراب هذا الوطن ضد الحملات الفرنجية الضارية، وفي مقارعة الاستعمار الفرنسي البغيض، فخلدهم الوطن، وكرمهم كما يليق بالمواطنين الذين يرفضون التفريط بذرة من ترابه.
أما السلطان العثماني الطامع بما يسميه منطقة منزوعة السلاح بمساحات (سواء كانت أمتاراً، أو أشباراً أو ذرات) في الشمال السوري ليضيفها إلى ما سبق اغتصابه من أرض الوطن بالتواطؤ المدان من قبل آبائه مع الاستعمار الفرنسي، فإن سورية اليوم، والمنتصرة على الإرهاب وداعميه، في أكبر وأبشع حرب غير مسبوقة في تاريخ العالم، لن ترضى بالتنازل عن شبر من ترابها المقدس مهما ارتفع منسوب نهر التضحيات وشعارها قولة الشاعر القومي:
قل للمغير على مرابعنا
كالسيل ينفذ من هنا وهنا
إن لم يكن زمن يوافقنا
للثأر منكم نخلق الزمنا