أخبارصحيفة البعث

المعارضة: أردوغان يسخّر الدولة لخدمة مصالحه الشخصية

 

تستعد تركيا يوم الأحد القادم لانتخابات محلية مفصلية بالنسبة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الذي يخشى من تصويت عقابي على ضوء وضع اقتصادي صعب، وانهيار متواصل لقيمة الليرة، لذلك لا يتورّع هو وقادة حزبه من استخدام كل الوسائل لترويع خصومه ومنعهم من تحقيق انتصار كبير، وفق ما تشير إليه استطلاعات الرأي على اختلاف مشاربها، وتؤكّد الماكينات الإعلامية لأحزاب المعارضة أن أردوغان ومجموعته رموا بكل ثقلهم في العاصمة أنقرة واسطنبول، والدليل أنه دفع برئيس البرلمان علي يلدريم لترك منصبه والمنافسة على رئاسة بلدية.
ويؤكد زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، أن أردوغان يسخّر إمكانات الدولة لخدمة مصالحه الشخصية، الأمر الذي يجعل الانتخابات المحلية المقبلة غير عادلة، ويضع البلاد في مشاكل على الصعيدين الداخلي والخارجي، وأضاف، أمام تجمع انتخابي في اسطنبول: إن جميع مؤسسات وأجهزة الدولة في خدمة أردوغان، الذي يأمر الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بملاحقة معارضيه وكل قيادات أحزاب المعارضة، وأكد أن سياسات أردوغان الفاشلة داخلياً وخارجياً أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس، ودفعته لانتهاج سلوك استفزازي عدائي في محاولة لمنع قول الحقيقة للشعب التركي، مشيراً إلى أن نتائج استطلاعات الرأي المتكرّرة تؤكّد أن أحزاب المعارضة ستحقق انتصاراً كبيراً في الانتخابات البلدية، وسيفوز مرشحيها في المدن الرئيسية.
في السياق هبط مؤشر الأسهم الرئيسي في تركيا خمسة بالمئة إلى أدنى مستوياته منذ منتصف كانون الثاني، في الوقت الذي يقول فيه محللون: إن المستثمرين الأجانب المحتاجين لليرة تدافعوا لبيع الأسهم والسندات، فيما شارك أردوغان في حملة الانتخابات المحلية كما لم يفعل أي رئيس من بين أسلافه، فعقد ما قد يصل إلى خمسة تجمعات يومية في كافة أنحاء تركيا، ليتفادى انتكاسة لحزبه العدالة والتنمية في اسطنبول، التي تعدّ عاصمة اقتصادية للبلاد.
ويحذّر محللون واستطلاعات للرأي من أن النكسة قد تأتي من أنقرة، حيث التنافس شديد بين مرشح العدالة والتنمية، وهو وزير سابق، ومرشّح المعارضة.
ويلخص الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سونر كاغابتاي المشهد بأن “خسارة إحدى هاتين المدينتين ستحمل ضربة رمزية هائلة بالنسبة إلى سلطة” أردوغان الذي فاز بكل الانتخابات منذ 2002، قائلاً: “ببساطة، ليس بمقدوره السماح بالخسارة”.
وفي الواقع، دخل الاقتصاد التركي في مرحلة تباطؤ للمرّة الأولى منذ عشر أعوام، فيما أثّر التضخم، الذي غذّاه تراجع الليرة المحلية، بشدة على القدرة الشرائية للمستهلكين، وبخاصة على صعيد الغذاء.
وأمر أردوغان بلديتي اسطنبول وأنقرة خلال الشهر الماضي بفتح أكشاك خاصة بها للفاكهة والخضروات والبيع بأسعار مخفّضة، وذلك بهدف كبح النقمة الشعبية، بينما لم يخل هذا الإجراء من توظيف سياسي مكشوف.
ويعتقد شقّ واسع من الأتراك أن الإجراء الذي أعلنه أردوغان مجرد مزايدة سياسية ومحاولة لاسترضاء الشارع في غمرة الانتخابات المحلية وأنه سيزول بانتهاء الاستحقاق الانتخابي.
وظهر أردوغان في موقف دفاعي أحياناً فيما يتعلّق بوضع الاقتصاد، وذهب إلى حد تبرير الصفوف الطويلة أمام الأكشاك البلدية بأنّها مؤشر “ازدهار وليس مؤشر فقر”، وهي مغالطة أخرى في سياق حملة التضليل الانتخابي التي يقودها منذ فترة.
ونقل النقاش إلى الميدان الأمني بدلاً من تنظيم حملة حول الاقتصاد، متحدّثاً عن بلد تحيط به التحديات الأمنية والقوى العدائية، وهي أيضاً من الأساليب التي دأب على اعتمادها لترهيب الناخبين، وكأن أمن واستقرار تركيا هو رهين فوز العدالة والتنمية الحاكم بالانتخابات المحلية. وأعلن الاثنين في تجمع بمدينة موش أن “هذه الانتخابات ليست فقط لاختيار رؤساء بلديات، وإنّما تتعلق أيضاً ببقائنا”.
وشرح كابتاغاي هذا الخطاب بأن “أردوغان يلمح إلى أنه في حال خسارة حزبه في هذا الاقتراع، فإنّ وجود تركيا نفسه الذي سيصبح مهدّداً”.
وفي سياق إصلاح الجبهة الرافضة لأردوغان، التي تشكّلت خلال الانتخابات التشريعية العام الماضي، قدّمت المعارضة مرشحين موحّدين في عدد من المدن، خاصة في اسطنبول وأنقرة، حيث يدعم حزب الشعب الجمهوري (اجتماعي- ديمقراطي) وحزب “ايي” (قومي)، نفس المرشّح.
وقد يشكّل تصويت ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي، الذي حصد نحو ستة ملايين صوت في انتخابات العام الماضي، عنصراً مهماً في المدن الكبيرة. وبينما يرتقب أن تكون الانتخابات المقبلة في 2023، فإن انتخابات الأحد ستنهي، ما لم تحدث مفاجأة، سلسلة اقتراعات مرهقة شملت ثماني عمليات اقتراع في خمسة أعوام، وأحدثت استقطاباً عميقاً في تركيا بسبب الحملات التي اتصفت بسجالات حادة.