التراث الشعبي..وإعادة صياغته وتطويره
يتعرض التراث الثقافي اللامادي الذي تتميز به المدن السورية لتحديات وصعوبات تتعلق بضعف التسويق ومنافسة المكنات الحديثة لهذا التراث الغني، في وقت استهدفت الحرب الإرهابية تهميش الهوية الثقافية التراثية للبلاد وسببت هجرة الأيدي الماهرة إلى الدول العربية والأجنبية لتنتقل معهم هذه الحرف العتيقة التي توارثوها عن أجدادهم، ومع وجود منظمات لحماية التراث الثقافي للشعوب تبقى ارتكابات بعض الدول خارج الرقابة والمحاسبة ومنها تشجيع تصنيع وعرض الحرف التراثية السورية في صالاتها واعتبارها من تاريخ بلدها.
تحت عنوان “التراث الشعبي والحياة المعاصرة” أقامت كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق الندوة السنوية الثالثة للتراث الشعبي مع إقامة المعارض وافتتاح ماجستير في التراث الشعبي.
وبين رئيس جامعة دمشق د. محمد ماهر قباقيبي خلال افتتاح الندوة بحضور أمين فرع جامعة دمشق للحزب د. خالد الحلبوني أن تعزيز النشاط الإبداعي وتوثيقه يعد ركيزة أساسية في الحفاظ على الأمم من التشتت والضياع، ولابد من ضمان حماية ورعاية نشاط الحفاظ على التراث الشعبي من خلال مجموعة من التشريعات الوطنية وتوثيقه وفق استراتيجيات مدروسة تتوافق مع واقع الحال.
وأوضحت عميد كلية الآداب بدمشق د. فاتنة الشعال أن الاهتمام بالتراث الشعبي والحفاظ عليه مسؤولية المجتمع عبر إعادة صياغته وتطويره وإقامة المعارض المحلية للترويج لهذا الفن الأصيل، وخاصة في ظل ما يتعرض له هذا التراث من تلاش بسبب ما يشهده العالم من تطور ثقافي واجتماعي وتقني وإعلامي أدى إلى إباحة الموروثات الشعبية التقليدية، وتعد سورية موطناً لأقدم الحضارات الأكثر تقدما في العالم، علماً أنه تم منذ سنوات افتتاح ماجستير في التراث الشعبي في جامعة دمشق وتأهيل الكوادر المتخصصة والاتصال مع المراكز البحثية.
وأشار رئيس قسم علم الاجتماع د. اسعد ملي إلى أن سورية ملتقى الحضارات التي شكلت مع السكان الأصليين تنوعاً وتلاقحاً حضارياً غير مسبوق، حيث أدرجت منظمة اليونسكو ستة مواقع من أصل 46 موقعاً في سورية لتكون ذا قيمة عالمية استثنائية وهي المدينة القديمة في دمشق، بصرى الشام، حلب القديمة، موقع تدمر، قلعة الحصن، وقلعة صلاح الدين، إضافة إلى القرى الأثرية في شمال سورية وجنوبها “الآثار الموجودة في الجولان”.
وتحدثت الأستاذة في قسم التاريخ د. كاميليا أبو جبل عن الانتهاكات الإسرائيلية لآثار الجولان المحتل وسرقتها ووضع تاريخ للمنطقة من منظور توارتي صهيوني لخدمة أهدافها، وقامت بسرقة الآثار فهجّرت 131الف مواطن وهدمت القرى والمزارع واستبدلت أسماء أكثر من 200 قرية عربية بأخرى عبرية، علماً أن المساهمة في الحفاظ على آثار الجولان تتم من خلال الشباب المتواجدين في الأرض المحتلة من غير الأكاديميين الذين قاموا بتوثيق كل ما يتعلق بالأماكن المحتلة وبالجولان وملكية الأراضي والمياه، لكن هذه الممارسات والانتهاكات لن تغير من حقيقة الجولان العربي السوري وبعد مرور 52 عاما على الاحتلال مازال الأهالي ومعهم الأجيال متجذرين بأرضهم ومتمسكين بالهوية العربية السورية.
ولفت أمين اللجنة الوطنية السورية لليونسكو د. نضال حسن إلى أن اليونسكو تقوم بالاحتفال بالأشخاص والذكرى ومن خلال برنامج ذاكرة العالم إضافة إلى عناصر التراث التي تدرجها على قائمة التراث اللامادي و آخرها إدراج عنصر خيال الظل على قائمة التراث، في وقت يتم السعي لإدراج الوردة الشامية والقدود الحلبية وملف مشترك مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عنصر صناعة العود والعزف عليه.
وبينت د. كندة الشماط أن الهوية الوطنية تأتي من استحضار الثقافة الشعبية والتراث الشعبي ويجب العمل على توعية الأطفال بالتراث.
وأمل بعض الحرفيين المشاركين في المعرض بتأمين مكان لممارسة العمل الحرفي حتى يستمروا في الحفاظ على هذا التراث.
فداء شاهين