الجلاء في الفن التشكيلي
واكب الفن التشكيلي الأحداث والتحولات الوطنية الكبرى ووثق انتصارات الشعب السوري منذ بداية ثورته ضد المستعمر الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، كما شارك في التأسيس لثقافة جديدة يتعاضد فيها الثائر والسياسي والأديب والشاعر في مواجهة المستقبل وبناء البنية العقائدية والفكرية التي ستواجه التحديات القادمة، والتي يتطلبها البناء والاستقلال الوطني، وقد شارك الفن التشكيلي بتمجيد هذه البطولات والتضحيات التي قدمها أبناء سورية والتي أسست لمجتمع سوري يتمتع بإرادة وطنية أنجزت الجلاء وطردت المستعمر الفرنسي، فقد رسم الفنانون لوحات عن بطولات الثوار في الغوطة وميسلون وجبل الزاوية وجبل العرب والقنيطرة والساحل السوري، وأقيمت النصب النحتية العظيمة لقادة الثورة السورية: سلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي وغيرهم من أبطال الثورة السورية، كما شيدت الأعمال الإنشائية والمعمارية التي توسطت الساحات والحدائق تذكارا ليوم الجلاء، وتعد لوحة الفنان سعيد تحسين من أشهر الأعمال الفنية التي صورت اعتداء الفرنسيين على حامية البرلمان في دمشق، كما رسم الفنان ميشيل كرشة لوحته الانطباعية التي تمثل جيش المستعمرين يتقدمهم غورو، وفي الصف الثاني جنود المستعمرات قوام الجيش الفرنسي وفي الجهة المقابلة جمهرة من النساء والأطفال وبين الطرفين ضريح شهيد في تعبير من الفنان يرفض حل الجيش الوطني الذي أمر به غورو، ومطالبا بضرورة وجود الجيش العربي السوري ليحمي البلاد والكرامة. ومن جهة ثانية رسم الفنان عاصم زكريا عددا كبيرا من الأعمال الزيتية صور فيها مشاهد الثوار في اجتماعات وضع خططهم العسكرية وفي تنقلهم على صهوات الجياد يتنكبون بنادقهم ويعتمرون الكوفيات، كما رسم ملحمة ميسلون التي سطرها الشهيد يوسف العظمة ورفاقه. كذلك رسم العديد من الفنانين مآثر الجلاء وبطولات الشهداء في لوحاتهم وأعمالهم النحتية خلال السنوات اللاحقة للجلاء، ويحتفلون بهذا اليوم حيث يقيمون المعارض والملتقيات الفنية مستلهمين من هذا اليوم قيما جمالية للمستقبل.
أكسم طلاع