دراساتصحيفة البعث

هل توشك إسرائيل على احتلال المسجد الأقصى؟

 

ترجمة: البعث

عن موقع الغارديان 22/4/2019

يبدو أن نتنياهو الذي عاد للسلطة بأغلبية ائتلافية صغيرة أكثر تطرفاً حصل على تفويض جديد من حليفه دونالد ترامب للاستيلاء على المقدسات الإسلامية في القدس، وهذا التفويض وضع جملة من الأسئلة منها: هل تغامر إسرائيل بعمل إجرامي آخر في القدس؟.

في عام 2017 وافقت الإدارة الأمريكية على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس، على حساب المطالب الفلسطينية بعاصمة في الأجزاء الشرقية من المدينة، وفي انتهاك لعشرات من قرارات الأمم المتحدة، وبتشجيع من دونالد ترامب، قدّم نتنياهو وعوداً بالحملة الانتخابية لضمّ أجزاء إضافية من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل واستبعد أي إمكانية لتقديم “تنازلات” للفلسطينيين بشأن القدس.

عند إزالة الملصقات الانتخابية، كان الشاغل الكبير الذي نشأ في القدس الشرقية الفلسطينية هو أن نتنياهو بات يتمتّع بالقوة السياسية الكافية، مع وجود ولاية جديدة وإدارة أمريكية متوافقة بشكل متزايد وراءه، للسماح له بالاستيلاء على المقدسات الإسلامية والمسيحية الفلسطينية.

هناك نقطة مضيئة خاصة في المسجد الأقصى، أحد أقدس الأماكن في العالم الإسلامي، في فناء كبير بحجم حديقة لندن الخضراء المعروفة باسم الحرم الشريف. كانت السيطرة على هذا الموقع محل خلاف منذ أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية في عام 1967. اعترفت إسرائيل بالدور المركزي لهذا الموقع في الإسلام والقومية الفلسطينية، وردة الفعل القوية التي ستثيرها إذا سعت إسرائيل إلى السيطرة عليها. سمحت لهيئة تمّ تعيينها وتمويلها من قبل الأردن، وهي إدارة الوقف، بمواصلة إدارة الموقع والمسؤولية عن الصيانة. كانت الأمور الداخلية مثل تسيير الصلوات الجماعية في الفناء من مسؤولية إدارة الوقف، لكن أمن المنطقة كانت تديره الشرطة الإسرائيلية.

على مدى العقدين الماضيين، كان هناك تجدّد للحركات الدينية الإسرائيلية التي سعت إلى إجبار الحكومة الإسرائيلية على تقليص سلطة إدارة الوقف ووصول الفلسطينيين إلى الحرم الشريف. إنهم مدفوعون بالادعاء الشديد على نحو متزايد بأن المسجد الأقصى والمواقع الإسلامية الأخرى في الحرم الشريف مبنيّة على أنقاض هيكل سليمان، لكنهم يخشون أيضاً أنه إذا استؤنفت المفاوضات بين إسرائيل والقيادة الفلسطينية -ونجحت- فإنها ستشمل بالضرورة اعتراف إسرائيل بالسيادة الفلسطينية على الحرم الشريف. ونتيجة لذلك، ضاعفت مجموعات المستوطنين الإسرائيليين جهودها لعرقلة الترتيبات في الموقع، وهذه المجموعات تشكّل جزءاً أساسياً من قاعدة نتنياهو.

عمدت هذه المجموعات الدينية المتطرفة إلى تجاهل الأوامر بعدم إقامة صلوات يهودية على الموقع، وباتت أعداد أكبر وأكبر من المستوطنين الإسرائيليين واليهود المتدينين تدخل الموقع للصلاة أكثر وأكثر برفقة الشرطة شبه العسكرية، وأدت في معظمها إلى مشاجرات مع حراس الوقف، ومظاهرات من قبل المصلين الفلسطينيين.

من المحتمل أن تؤدي طفرات العنف هذه إلى اندلاع قتال أكثر أهمية في المستقبل القريب، وغياب الوجود الأمريكي المقيّد أمر بالغ الأهمية. في عام 2015، عندما وصلت المواجهة بين المصلين اليهود الذين كانوا يحاولون الصلاة على الموقع والمسلمين الفلسطينيين المصمّمين على منعهم إلى ذروتها، دعت الحكومة الأردنية وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري إلى التدخل.

الآن كل الأمور انحرفت جانباً والولايات المتحدة ستجد “داعش” ينمو ليس فقط في عمان ولكن أيضاً في القدس. ومع ذلك، منذ شباط من هذا العام، أدت نقطة اشتعال جديدة حول البوابة الذهبية -مدخل رمزي للغاية للحرم الشريف- إلى سلسلة من الاشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين. ومسؤولو الوقف يدركون جيداً أنهم وحدهم، دون أي دعم أمريكي لردع المعتدين المتطرفين.

وبسبب فوزه الانتخابي، وبدعم من الولايات المتحدة لأحلامه في الضم، فإن نتنياهو لديه هدف وحيد الآن هو الاستيلاء على المواقع الإسلامية في القدس التي باتت في خط النار.