ثقافةصحيفة البعث

“هوا اصفر” نِسب المشاهدة الأعلى

 

من الصعب على المشاهد عموما حسب كثرة الأعمال المحلية، سواء تلك التي تم تصويرها في البلد، أو تلك التي صُنعت في الخارج، متابعة أكثر من عملين أو ثلاثة بالكثير، إلا أننا وبعد أسبوع من بداية الموسم الدرامي، وحسب استبيان رأي قمنا به لشريحة مختلفة عمريا وفكريا عن الأعمال الدرامية التي كان لها حصة الأسد في المتابعة المحلية، جاء مسلسل (هوا اصفر)-علي وجيه، يامن الحجلي-أحمد إبراهيم احمد- والذي كان تأجل عرضه من الموسم الماضي، من أكثر الأعمال الدرامية التي تردد ذكرها في الاستبيان بنسبة تجاوزت الـ 70 بالمائة، وهذا مبدئيا ووفق تلك العينة من آراء الجمهور المحلي، يدل على أن العمل المذكور، قد ترك بصمته المؤثرة، -تلك التي كنا تحدثنا عنها في عمل سابق- في وجدان الجمهور، هذا عدا عن عدد المشاهدات التي تحدثت عنها الأرقام التي لا تعرف الكذب، وهي أيضا مصدر آخر للقياس، فالعمل الذي يقوم على قصة حب تواجه الكثير من الصعوبات الاجتماعية والأخلاقية، قام بشدّ المتفرج بالأكشن المتتالي ومنذ الحلقة الأولى، لتكون أكثر من ذروة درامية مجتمعة في هذه الحلقة، موزعة الفرجة بين أداء عال لا يختلف عليه اثنان للفنانة الكبيرة “سلاف فواخرجي”، والتي استطاع المخرج وفق السيناريو والشخصية التي تؤديها “شغف”، أن يوائم بذكاء بين الأنوثة الطاغية التي تظهر بها مديرة صالة الكازينو، وبين عوالمها الداخلية المكتظة بالمشاكل اليومية، مشكلة مع البنك، يضيق عليها ابن عم الزوج –أدى دوره الفنان يوسف الخال- ليحصل على زوجته التي يهجس بها، زوج دخل في “كومة” منذ أشهر، وهي تقف لوحدها في عالم من الحيتان والمافيات متنوعة الأشغال، وذلك كله يجيء وفق حكاية بسيطة في ظاهرها، إلا أن الأحداث والذروات التي تظهر ومنذ الحلقة الأولى، “محاولة قتل الزوج، سرقة المخدرات التي يعمل فيها “كريم”، مشاكل مالية مع البنك والقرض الذي ينبغي على “شغف” دفعه بعد ضغط من “كريم”،الذي يحاول استطاعته كما أسلفنا ليحصل عليها، ليبدأ توالي الأحداث في شد النظر لما سيأتي في الحلقة القادمة، تلك التي اشتغل الكاتبان بذكاء على جعل كل حلقة من حلقاته، وكأنها فيلم سينمائي، له بداية وذروة ونهاية مشوقة، تمهد للحلقة التالية.
العمل يدور بين كل من دمشق وبيروت، ويقدم لمجموعة من الفنانين السوريين واللبنانيين، الذين يقدمون عموما أداء منسجما مع القصة، ومع تطوراتها، بعيدا عن “الأوفرة”، فكل شخصية ملتزمة ومنسجمة مع غيرها حسب الحدث، أيضا لم يفت المخرج الاستفادة من الجمال البصري الذي جاء محتواه متفاوتا في علاقته مع العمل أو العكس، دون أن يصادر طبيعة الفرجة أساسا.
التعاون الثالث بين الكاتبين “على وجيه-ويامن الحجلي، أنتج سيناريو مسبوكا بعناية، في “هوا أصفر”، ومن تابع عمل الكاتبين سابقا في “عناية مشددة” و”أحمر”، سيعرف مدى القفزة الاحترافية التي قام الكاتبان بحياكة السيناريو فيها في العمل، والقاعدة الذهبية في الدراما عموما تقول: الورق –السيناريو-الجيد، هو مفتاح العمل الناجح.
إذا “هوا أصفر” وبعد انتهاء الأسبوع الأول من الموسم الدرامي، ووفق آراء عينة عشوائية كما ذكرنا، ووفق عدد المشاهدات على اليويتوب، مقارنة بغيره من الأعمال المحلية، يتربع حتى اللحظة على قائمة الأعمال المحلية الأكثر متابعة، وهذا من أهم شروط نجاح أي عمل درامي، الفوز بقلوب الجمهور.
هوا اصفر من الأعمال الدرامية جيدة المستوى إن كان على مستوى السيناريو أو الأداء، وهو يقدم فرجة بصرية غير نافرة، بل وجاذبة، بحضور العديد من أسباب هذا النجاح والوصول إلى الناس.
بالتأكيد ما من حكم نقدي نهائي، فالأعمال الدرامية المحلية، ومنها “هوا اصفر”، لا زالت في بداياتها، وسيكون للمتابعة القادمة حتى النهاية قولها، والجمهور هو من يقرر صعود نجم هذا العمل وخفوت نجم عمل آخر، لكن الأكيد، أن “هوا اصفر” من الأعمال التي يُراهن عليها، وعلى مدى جديتها في طرح العديد من الاشتباكات الاجتماعية المعقدة والعلاقات القائمة عليها، حيث نجح “كاست” العمل بتقديمها بمستوى فني عال، جاعلا الأكشن في خدمة العمل، لا مقحما عليه إقحاما.
تمّام علي بركات