الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

جيل يملك المستقبل

 

زيارتي الأولى لبيت التراث الدمشقي تعود لعدة سنوات مضت، وما كنت أعرفه حينها أنه يقع في حي ساروجة، ولأقلص البحث وأرتاح من عنائه سألت عدداً من الأشخاص من سكان المنطقة عن مكانه دون جدوى، منهم من دلني عن أماكن أخرى ومنهم من أخبرني بأنه لم يسمع بذلك المكان، بالتأكيد ينطبق هذا الحال على كثير من مواقعنا الأثرية وإن عرفها البعض كموقع فهو لا يعرف عن تاريخها شيئاً، هذا حال الكبار أما إذا توقفنا عند الصغار والشباب فالوضع سيكون أكثر سوءاً، ومنذ فترة تابعنا إعادة تأهيل وافتتاح بعض الأماكن الأثرية ومنها متحف الطب والعلوم  واستعادة العديد من القطع الأثرية بعد سنوات من الحرب التي استهدفت بلادنا، بالتأكيد هذه بادرة مهمة تؤكد بدء تعافي بلادنا من جراحها، لكن هل يكفي هذا لنقول أن جزءاً مهما من تراثنا بخير، وهل يكفي أن نقيم حفل افتتاح لأحد الأمكنة وننساه فيما بعد إلى أن تشاء الظروف ونتذكره من جديد.

حماية هذا الإرث المهم باعتقادي لا تكون بإقفاله، بل بإعادة تفعيل دوره كعنصر مهم في حياة المجتمع، لأن هذه الأماكن ليست مجرد جدران بل هي تاريخ يختزل حضارات عاشت وازدهرت وأدت دورها في مسيرة الحضارة الإنسانية، والأهم تعريف الجيل الجديد بما لدينا من خلال تنظيم الرحلات المدرسية إلى تلك الأماكن والتركيز عليها في المناهج المدرسية بصورة أكبر، وجعلها مكاناً لإقامة الأنشطة الصيفية بعد أن تغلق المدارس أبوابها، حينها يمكن أن نقول أننا استطعنا بناء جيل يؤمن بتاريخ أمته العريق، لأن من يمتلك الماضي والحاضر قادر على امتلاك المستقبل بكل تأكيد.

جلال نديم صالح