“خمســــة ونص” اســـــتعراض وإبهــــار بصــــري
بات مسلسل خمسة ونص محور نقاش كثير من المشاهدين، لاسيما أن النجم قصي خولي جسد الشخصية الرئيسة بالعمل”غمار” المنتمي إلى عائلة سياسية عريقة، ليضيف نجاحاً جديداً إلى الدراما اللبنانية التي انتشرت على الشاشات العربية في السنوات الأخيرة بمشاركة نجوم سوريين آخرين، ليأخذ هؤلاء الدور الأول بالدراما اللبنانية.
ولا شك بأن إعجاب المشاهدين بأحداث خمسة ونص يعود إلى الحضور اللافت للفنان خولي بالدرجة الأولى لقوة أدائه الملون بتلون شخصية غمار، التي تحمل كل الوجوه من صراع على السلطة وهو ابن الغانم- الفنان رفيق علي أحمد- ووريثه السياسي، ورجل المال والاقتصاد، لكنه حبيس دائرة الحقد والانتقام من زوجة والده”سوزان” -رولا حمادة- التي دمّرت حياة والدته وحياته، فتفاعل المشاهدون يتفاعلون مع قصة جديدة تدخل إلى أروقة وصالونات القصر الكبير عبر التطرق إلى دور الإعلام بالتقرب من السياسيين والبحث عن أخبارهم الخاصة والعامة، وفي الوقت ذاته يطرح تساؤلاً إلى أي مدى تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً بنشر الشائعات التي ربما تتحول إلى حقيقة.
يجمع العمل بين ثلاثة محاور السياسة والفساد والحب بين غمار وبيان وجاد مرافق غمار الذي يعشق بيان بصمت وألم، فيقع غمار بغرام بيان طبيبة الأمراض السرطانية والمسؤولة عن قسم الأورام في المشفى، التي تعمل بحب وتعامل المرضى بإنسانية وتحافظ على أسهم والدها بالمشفى، لتجد نفسها ضمن لعبة الفساد والطمع وتزج بمؤامرة يخطط لها الأطباء الشركاء بالمشفى للضغط عليها لتبيع حصتها على حساب المرضى، الذين يصارعون الموت بتوقيعها على أدوية فاسدة، فتكون الضحية إحدى المريضات المقربات من بيان وتموت.
يظهر العمل دور المال والسلطة في إغلاق ملفات الفساد، إذ يتمكن غمار من إنقاذ بيان وتحميل المسؤولية إلى شخص آخر، فتعيش بيان حالة من الصراع الداخلي لشعورها بالذنب لأنها لم تحافظ على الأمانة التي تركها لها والدها. وتدخل كاتبة النص إيمان السعيد بطريقة غير مباشرة إلى انعكاسات الحرب الإرهابية على حياة الأبرياء بخيط دقيق، يتشابك مع تصاعد الأحداث من خلال والدة جاد القادمة من دمشق مع ابنة أختها التي استشهدت عائلتها في الحرب التي شهدتها سورية، كما تثير قضايا اجتماعية موجودة بالمجتمع اللبناني وتنسحب على بقية المجتمعات مثل لعب القمار وتخلي الأم عن عائلتها من أجل سراب الحب كما حدث مع والدة بيان وزواجها من رجل مدمن على القمار.
كل هذه الخطوط تلتقي برؤية رومانسية خاصة للمخرج فيليب أسمر الخبير بعوالم الضوء والموسيقا، فابتداء من الشارة التي جاءت بصوت شيرين عبد الوهاب باللهجة اللبنانية وبإحساسها الدافئ الذي ينقل حالة حب “يا بتفكر يابتحس لا مافيك توقف بالنص” إلى بعض المشاهد التي حوّلها فيليب أسمر إلى حلم مضيء فتأتي كومضات تجمع بين رومانسية السينما العربية الكلاسيكية، إضافة إلى تأثره بالأعمال التركية الدرامية، وهذا بدا بوضوح في بعض المشاهد لغمار وبيان، إلا أنه ينتهي بمفاجأة صاعقة تدبرها زوجة والدها باسترجاع الماضي ودخول الأحداث عائدة التي ارتبط معها غمار بقصة حب ماضية في دمشق كونه عاش مع أهل أمه المتوفاة، ومن خلال هذه الحبكة تظهر الكاتبة التداخل الاجتماعي بين المجتمعين اللبناني والسوري في كل المجالات. ومازالت الأحداث تتصاعد وستحمل مفاجآت تغيّر مصائر الشخوص وتأخذ المشاهد ربما إلى نهايات غير متوقعة.
ملده شويكاني