دراساتصحيفة البعث

من يود حرباً على إيران؟

 

ترجمة: علاء العطار
عن “أمريكان كونزيرفاتيف” 17/5/2019

بدا المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي، أثناء حديثه على القناة الإيرانية الرسمية، أنه يستبعد فكرة نشوب حرب في الخليج العربي. وقال “لن تكون هناك حرب… نحن لا نسعى إلى الحرب، ولا الأمريكيون أيضاً، فهم يعلمون أنها لا تصب في مصلحتهم”. إن تأملت في عواقب اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران، فستدرك أن تحليل آية الله صحيح.
لن يؤدي نشوب هذه الحرب إلى “تغيير النظام” أو إسقاط الحكومة الإيرانية التي نجت من حرب برية دامت ثماني سنوات مع عراق صدام حسين. وإن كنا نرغب في فرض نظام موالٍ لنا في طهران، فسيتعين علينا فعل ما فعلناه مع ألمانيا واليابان بعد عام 1945، أو مع العراق في عام 2003. لكن كان لدينا في الحرب العالمية الثانية 12 مليون رجل مسلح. وخلافاً للعراق، الذي يمثل ثلث حجم وسكان إيران، نحن لا نمتلك مئات الآلاف من القوات لنستدعيها ونرسلها إلى الخليج.
كما أن الأمريكيين لن يدعموا مثل هذا الاعتداء، ويعلم دونالد ترامب ذلك من حملته الانتخابية لعام 2016. وليس لدى أمريكا خارج بعض الدوائر الانتخابية حماسة لشن حرب جديدة في الشرق الأوسط، ولا طاقة لها على احتلال لإيران.
علاوة على ذلك، ستشمل الحرب مع إيران معارك بالأسلحة النارية في الخليج ومن شأنها أن تتسبب على الأقل في إغلاق مؤقت لحركة النفط عبر مضيق هرمز، وفي كساد عالمي. كيف لذلك أن يعود بفائدة للعالم أو لترامب في عام 2020؟ كم عدد الحلفاء المستعدين لخوض حرب كهذه؟
سحبت إسبانيا فرقاطتها الوحيدة من أسطول جون بولتون المتجه إلى الخليج. ولا تزال بريطانيا وفرنسا وألمانيا تؤيد الاتفاق النووي الإيراني، وتواصل التجارة مع إيران، ولا تصغي لتقاريرنا الاستخباراتية بأن إيران تستعد لمهاجمتنا.
وتعتبر تركيا إيرانَ شريكاً ثقافياً واقتصادياً. وتُعتبر روسيا حليفاً فعلياً لإيران. وتواصل الصين شراء النفط الإيراني. كما استضافت الهند وزير الخارجية الإيراني منذ فترة ليست ببعيدة. لذا تجدنا نعود إلى السؤال الذي طرحه شيشرون منذ القدم: “من المستفيد؟” من يريد هذه الحرب فعلاً؟ وكيف وصلنا إلى شفا هذه الكارثة؟
أصدر وزير الخارجية مايك بومبيو منذ عام مضى إنذار “ماك آرثريان” الذي يفرض على طهران 12 مطلباً. وقال إن على إيران أن تتخلى عن جميع حلفائها في الشرق الأوسط – حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وحماس في غزة – وعليها أن تسحب جميع قواتها من سورية، وأن تنزع سلاح القوات التي تدعمها في العراق.
ويجب على إيران وقف جميع عمليات تخصيب اليورانيوم، وأن تتعهد بعدم إنتاج البلوتونيوم، وتغلق مفاعلها بالماء الثقيل، وتفتح قواعدها العسكرية لإثبات عدم امتلاكها لبرنامج نووي سري، وتوقف اختبار الصواريخ. وما لم تمتثل، سيتم خنقها بالعقوبات.
يُقرأ خطاب بومبيو في مؤسسة “هيريتيج” البحثية كشروط تشابه تلك التي كان يمليها يوليوس قيصر على بعض القبائل المهزومة في بلاد الغال، رغم أن علينا خوض الحرب وكسبها أولاً، وهذا عادة شرط مسبق لإملاء الشروط.
ردت إيران بتجاهل مطالب بومبيو، وهكذا فُرضت العقوبات الأمريكية الساحقة على العراق بوحشية. لكن عندما يعيد المرء النظر إلى الأماكن التي طلب بومبيو من إيران الخروج منها – لبنان، اليمن، غزة، سورية، العراق – يجد أن أياً من مصالحنا الحيوية لم يتعرض للخطر بسبب أي وجود إيراني. والأشخاص الذين لديهم مشكلة مع حماس في غزة وحزب الله في لبنان هم الإسرائيليون الذين ولّد احتلالهم لتلك المناطق تلك الحركات الثورية. أما فيما يخص اليمن، أحبط الحوثيون الألعوبة السعودية.
ولم تهددنا سورية أبداً، رغم أننا قمنا بتسليح المتمردين لتغيير النظام فيها. وفي العراق ساعدتنا القوات المدعومة من إيران في الدفاع عن بغداد من “داعش”، الذي سيطر على الموصل. من يريدنا أن نغرق في الشرق الأوسط بخوض حرب جديدة أوسع من تلك التي خضناها بالفعل في أفغانستان والعراق وسورية وليبيا واليمن؟ الجواب هو: بومبيو وبولتون وبينيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وملوك وأمراء وسلاطين الخليج.