أهمية وخطورة ألعاب الأطفال
اللعب ضرورة فسيولوجية ذهنية ويرتبط في معظم الأحيان بنشاط حركي لأنه ينمي حيوية الطفل ويربي لديه مهارات ويعوده على العمل مع اللعب، وهو نشاط جذاب يستهويه منذ الصغر، ينطلق من البيئة المحلية شأن بقية الأنشطة التربوية التي ينشأ معها الطفل وينمو، لهذا يتوجب أن تكون ألعابه متصلة ببيئة نشأت وتطورت معه،فاللعب وإن كان تسلية وانتفاعا بالنفس إلا أنه هادف يرسب في النفس بغير وعي ميولاً ونزوعاً يؤسس لعادات سلوكية وأنماط معيشية. وتعد الألعاب الشعبية أنماطا من السلوك الحركي والوجداني ضارب في القدم يشكل جزءا من الإرث الاجتماعي المرتبط بالمقومات الحضارية في المنطقة تناقلته الأجيال جيلا بعد جيل ومارسته برغبة وصدق من أجل الترفيه والتنشيط وقضاء وقت الفراغ.
الأهمية الاجتماعية للعب
اللعب أحد مصادر الحياة الاجتماعية الباكرة للطفل، وله أهمية تربوية واجتماعية وعقلية ونفسية وعلاجية فهي تفسح المجال لتعليم وتحقيق القدرات وتساعد على نمو الكلام والتفكير والخيال وتنمية الخصال الحميدة وترفيه النفس، ويعمل على التخفيف من الضغوط والتوترات السلبية والإحباط وتقلل من حدة المخاوف في حياة الطفل وتساعد على تفريغ الرغبات المكبوتة والنزعات العدوانية. كما أنها تساعد أحياناً على تقوية اللغة العربية الفصحى، وقد مورست الألعاب الشعبية من قبل الكبار والصغار إلا أن الصغار أكثر ارتباطا بها لأنها جزء رئيسي من عالمهم الطفولي.
تنمية النشاط الجسدي والعقلي
استعمل الأطفال في الماضي المواد البسيطة المتوفرة في بيوتهم من المهملات البسيطة والمتروكات المنزلية أو ما يعثرون عليه من الشوارع والحارات مثل قطع الخشب والحجارة وعلب القصدير الفارغة والأسلاك وبقايا القماش فكانوا يصنعون منها الكرات والسيارات وعربات الجر والطائرات الورقية والدمى والعرائس…الخ، فالألعاب الشعبية تعمل على تقوية الروابط الاجتماعية لا سيما الروابط بين الأطفال وتسهم في خلق علاقات جيدة بين الآباء والأمهات، وتنمي القدرات والمواهب وتمنح الأطفال المزيد من الصحة والعافية وتغمرهم بالفرح والسعادة إذ يترافق مع تلك الألعاب تعبير الأطفال عن مشاعرهم عبر الصخب أو النقاش أو حتى الصراخ وكثرة حركتهم.
اتسمت الألعاب الشعبية بالخصوصية فهناك ألعاب للذكور وأخرى للإناث وألعاب للأطفال وللكبار. وتختلف ألعاب الصباح التي يغلب عليها الحركة والنشاط عن ألعاب المساء التي يغلب عليها الهدوء والتركيز، ونذكر من ألعاب الحركة والنشاط الاستغماية، نط الحبل، طاق طاق طاقية، لعبة الكرة.
من ألعاب التركيز: الضامنة، برسيس، لعبة الحجر
ألعاب التقوية اللغوية وسرعة البديهة: اسم-حيوان-جماد، لعبة آخر حرف من بيت الشعر.
الألعاب الشعبية والتكنولوجية
وإذا ماقارنا بين الألعاب الشعبية القديمة وألعاب التكنولوجيا الحديثة والتي تعتبر ألعابا لتنمية الذكاء وشد الانتباه وزيادة التركيز،إلا أن لها سلبياتها المتعددة حيث ساهمت في تسطيح العلاقات الشخصية وحرمت الأطفال من اللقاءات الاجتماعية فبدلت الألعاب الجماعية والأصحاب بأشخاص الكترونية وهمية، وأدخلت الطفل في محادثات وحياة افتراضية ووفرت له جميع أنواع التسلية التي أغنته عن الذهاب للرحلات والفعاليات المدرسية والاجتماعية، وبالتالي قللت من تجاربه الشخصية، مما جعل تلقفه الاجتماعي بسيطا وقلصت من ارتباطه بماضيه وتراثه فهو حبيس غرفته وألعابه الإلكترونية لا تعطيه إلا ما يطلبه منها فقط، وتجعل منه بطلاً فتشبع له غروره دون أي جهد منه ونجده قد ابتعد عن احتكاكه بالمجتمع المحيط به وبات يفضل العزلة والانغلاق على نفسه.
ألعاب الأطفال والغزو الثقافي
من الخطورة انتزاع الطفل من بيئته وتراثه وتعويده منذ صغره على منتجات الصناعات الالكترونية والأسلحة والمفرقعات فهذه كفيلة بتغريب الطفل وزرع حالة انبهار بالأجنبي وتنمي لديه عادة استهلاكية اتكالية، ورغم أن ألعاب التكنولوجيا تتسم بكونها ألعاب لتنمية الذكاء وزيادة التركيز إلا أن الكثير منها توظف سماتها هذه في مسارات غير سوية..
ركز علم النفس عند الطفل على خطورة توثيق وارتباط الطفل بكل ما هو مستورد من ألعاب وقصص وأغان محورها العنف وحصيلتها ترويج ثقافة الإجرام وتمجيد حق القوة وتقويض قوة الحق، وهذه استراتيجيات ثقافية ذات غايات سياسية تنتج موادها الثقافية وتربطها مع أنحاء العالم عبر قنوات الإعلام العالمي بهدف تطبيع الشعوب على العنف وترويضها بحق القوة والهيمنة والسطو والابتزاز.
نجلاء الخضراء