ثراء ..دون تنمية!!
لسنا بحاجة في هذه المرحلة بالذات إلى استثمارات سياحية وخدمية وتجارية من سوية الخمس نجوم، موجهة إلى ثلة من ذوي الملاءة المالية ذات الأرقام الفلكية..!
ولسنا بحاجة إلى توطين صناعات “خلبية” لا يمكن المنافسة بها كصناعة “تجميع السيارات”، مع التحفظ الشديد على إدراجها ضمن خانة “الصناعة”..!
ولسنا بحاجة أبداً إلى المزيد من الشركات المالية “مصارف – شركات تأمين – صرافة”، فالموجود منها يفي بالغرض ويزيد..!.
فما هي القيمة المضافة المعوّل عليها من هذه المشاريع الرامية إلى ثراء أصحابها دونما تنمية..؟!
إننا بحاجة إلى مشاريع إنتاجية حقيقية “كبيرة –متوسطة – صغيرة – متناهية الصغر” تتواءم مع إمكانياتنا على الأقل في هذه المرحلة… فهي الحامل الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وهي –كما هو معلوم للجميع – كفيلة بتأمين الاحتياج المحلي ولو نسبياً، وهي الرافد للتصدير في حال كان التصدير هو بوصلة الحكومة..!
إننا بحاجة إلى مشاريع خدمية تلامس عامة الشعب، من نقل داخلي محترم، وبنية تحتية تؤمن بالحد الأدنى تصريف مياه الأمطار، وشوارع يسهل السير عليها… إلخ.
وعلى اعتبار أن الحكومة اتخذت من الإنتاج الحقيقي سبيلاً، فلماذا لم نلمس إلى الآن مثل هذه المشروعات..؟!
وعلى سيرة التصدير، ثمة مفارقة تثار في هذا السياق، مفادها التوجه الحكومي لإلغاء أنشطة اتحاد تنظيمي اقتصادي، مقارنة ببقية الاتحادات التي بقيت خاملة طيلة فترة الأزمة.. فاتحاد المصدرين السوري هو من سارع إلى إنعاش منطقة فضلون الصناعية، وهو من لعب الدور الأكبر بنجاح الدورة 59 لمعرض دمشق الدولي، وهو من كان يحث الخطى باتجاه إقامة المعارض الخارجية قبل الداخلية، وهو من اجتهد باتجاه تظهير “صنع في سورية” بأكثر من مناسبة… فلماذا يتم إلغاؤه..؟!
إن الاقتصاد السوري يمر هذه الأيام بحالة من التخبط سواء لجهة اتخاذ القرارات الحكومية الصائبة، أم لجهة بروز بعض رجالات الأعمال الشغوفين لصناعة المال بقصد المال ليس إلا..!
كي يسير الاقتصاد على سكة التنمية أيها السادة، هو بحاجة إلى استراتيجية واضحة المعالم، قوامها قرار حكومي صائب ومسؤول لا هدف له إلا التنمية، مدعوماً بقطاع أعمال يؤمن بتوظيف رساميله بمسارات التنمية الحقة، ويكون القرار الحكومي هو القائد والمسير لتحقيق بنك من الأهداف التكتيكية المرحلية للوصول إلى الهدف الاستراتيجي من تنمية اقتصادية واجتماعية..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com