أرسلان يطالب بتحويل “حادثة الجبل” إلى المجلس العدلي قرارات حاسمة للمجلس الأعلى للدفاع في لبنان
غداة تعرّض موكب وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين صالح الغريب لإطلاق نار بين منطقتي قبر شمون والبساتين، ما أدى إلى مقتل اثنين من مرافقيه، وهما أكرم سلمان وسامر أبو فراج، وإصابة ثالث بجروح، كثّف الجيش اللبناني دورياته وحواجزه في منطقة عاليه، فيما اتخذ المجلس الأعلى للدفاع، الذي انعقد بدعوة من رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، “قرارات حاسمة بإعادة الأمن إلى المنطقة، ومن دون إبطاء أو هوادة، وتوقيف جميع المطلوبين وإحالتهم على القضاء، على أن تتمّ التحقيقات بسرعة، كما أنه يبقي قراراته سرية”، ولفت بيان المجلس إلى أن “الاجتماع انعقد في ظل توافق سياسي”، موضحاً أن “التحقيقات حول الأحداث في الجبل ستجري بإشراف القضاء حفاظاً على هيبة الدولة”.
وطلب عون في بيان عقب الاجتماع من الأجهزة القضائية والأمنية “إجراء التحقيقات اللازمة والضرورية بأسرع وقت، ووفقاً للأصول والأنظمة المرعية، والقيام بالتوقيفات اللازمة في الأحداث الأمنية التي وقعت في عدد من قرى عاليه”، مشدّداً على “أن ركائز الجمهورية هي ثلاث: حرية المعتقد، وحق الاختلاف، وحرية الرأي والتعبير عن الرأي”.
من جهته، طالب رئيس الحزب الديمقراطي، النائب طلال أرسلان، بتحويل حادثة الاعتداء على موكب الوزير الغريب إلى المجلس العدلي، الذي ينظر في قضايا الأمن القومي.
وحمّل أرسلان، في مؤتمر صحفي عقده في دارته بخلدة جنوب بيروت، مسؤولية “الفتنة والتحريض” لـ “نائب يجلس على مقاعد مجلس الوزراء”، سائلاً: “هل الجبل ضمن حكم الدولة أم خارجها، وهل الناس بحاجة إلى فيزا للدخول إلى الجبل؟!”، ورأى أن “الطرف الآخر يريد تحويل المشكلة إلى خلاف طائفي ومذهبي، وهذا كذب”، وأوضح “يوجد لدى الأجهزة الأمنية أسماء بعض المتورّطين في أحداث الجبل”.
وأردف أرسلان قائلاً: “إذا أرادت الدولة فرض هيبتها أهلاً وسهلاً، وإذا لم ترد نحن نعلم كيف نتصرّف”، معلناً: “فليعلم الجميع أن لحمنا ليس طرياً”، واعتبر أنه “لا يمكن للجيش اللبناني أن يستمر بمزارع مذهبية داخل تركيبته”.
وشكر أرسلان رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي “دعا لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع دون أن نطلب منه ذلك”، وجدّد تأكيده أن الأحداث الدامية كانت “فتنة تمّ التحريض عليها مسبقاً”، داعياً إلى “التوقّف عن التجارة بالدم”، وأضاف: إن “التوجّهات الإقطاعية والسلبية لا تدلّ على الرجولة، وما حصل لا يليق بالزعامات الكبيرة”، في إشارة إلى ما يسمى رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب السابق، وليد جنبلاط، متوجّهاً إليه بالقول: إن “الدولة لا يمكن أن تُبنى على مبدأ التجارة والبيع والشراء؟”.
وأضاف أرسلان: إن ما “حصل معيب واستهتار بكرامات الناس، ولن نتعايش معه، وإذا أرادت الدولة فرض هيبتها ووجودها أهلاً وسهلاً بها، وأما إذا عجزت، فنحن قادرون على حماية أنفسنا”، وختم: “إذا لم تفرض الدولة الأمن بيد من حديد، فستكون لذلك انعكاسات سلبية في كل لبنان”.
إلى ذلك دان لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، في بيان، “الاعتداء الذي تعرّض له موكب الغريب”، مؤكداً أن “ما حصل يشكّل جريمة خطيرة تستهدف الأمن والاستقرار والسلم الاهلي وإثارة الفتنة، وإعادة إحياء زمن الكانتونات بحظر الدخول إلى مناطق الجبل إلا بإذن من “الزعيم”، بما يقوّض سلطة الدولة، ويضعف دورها، وينال من هيبتها وحضورها، ويعيد البلاد إلى زمن الحرب الأهلية”.
ولفت اللقاء إلى خطورة الأنباء التي تحدّثت عن أن المعتدين كانوا قد نصبوا كميناً محكماً بهدف منع وصول موكب وزير الخارجية جبران باسيل برفقة الوزير الغريب إلى بلدة كفر متى، وأن هذا الكمين قد سبقه ورافقه حملة سياسية تحريضية ضد الزيارة، والقول بأنه ممنوع على أحد دخول الجبل من دون إذن الإقطاع الذي يسعى إلى احتكار القرار السياسي فيه والهيمنة عليه، ما يعني أن هناك قراراً سياسياً يقف وراء هذا الاعتداء، الذي تسبب بسقوط شهيدين وقطع للطرقات، وترك تداعيات سلبية على الأمن والاستقرار، وصولاً إلى التهديد باستدراج اللبنانيين إلى الوقوع في شرك الفتنة.
وشدّد اللقاء على أن “من يعتقد أن لبنان يمكن أن يعود إلى زمن الفتنة والحرب الأهلية وإقفال المناطق بالمتاريس، ومنع حرية التنقل والرأي والتعبير، وفرض سيطرته عليها على حساب سلطة الدولة، إنما هو واهم ومصاب بالجنون وفقدان الاتزان وعدم القدرة على قراءة الواقع اللبناني والمتغيّرات الحاصلة فيه، وموازين القوى التي تحول دون تحقيق رغباته ورهن البلاد لمصالحه الخاصة”، مشيراً إلى أن “الزمن تبدّل، واللبنانيون وعوا الدرس جيداً، وهم يرفضون الانجرار إلى الفتنة وويلات الحرب الأهلية، التي يسعى بعض المتضرّرين من تنامي سلطة الدولة إلى إشعالها وتهديد الوحدة الوطنية”، وطالب “الأجهزة الأمنية والعسكرية بالإسراع في اعتقال المعتدين ومن يقف وراءهم، كما طالب القضاء بالكشف عن المحرّضين على تنفيذ الجريمة، باعتبار ذلك هو المدخل الأساسي والوحيد لإعادة فرص سلطة الدولة وهيبتها، وجعل اللبنانيين يشعرون بالطمأنينة، وأن لا عودة إلى سلطة الميليشيات التي تتحكّم بحياتهم وأمنهم”.
وفي السياق ثمّن اللقاء “القرار الذي اتخذه مجلس الدفاع الأعلى بإعادة الأمن إلى المنطقة التي شهدت الأحداث الدامية واعتقال مطلقي النار”.