الصفحة الاولىصحيفة البعث

ضربة جديدة لأردوغان.. باباجان يستقيل من “العدالة”

 

في ضربة جديدة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، وعلى خلفية خسارة حزبه الانتخابات المحلية الأخيرة في أغلب المدن الرئيسية التركية، وخاصة بعد هزيمة مرشحه بانتخابات الإعادة في اسطنبول مؤخراً، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي السابق وأحد مؤسسي “حزب العدالة والتنمية” في تركيا، علي باباجان، استقالته من العضوية فيه، فيما قالت مصادر مطلعة: إن باباجان يخطط لإنشاء حزب جديد بالتعاون مع الرئيس التركي السابق، عبد الله غل، سينافس حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه أردوغان.
وزادت استقالة باباجان الحديث عن انشقاقات كبيرة في الحزب الحاكم في تركيا-وسط توقّعات بتراجع ملموس في مستوى دعم أردوغان وأنصاره في تركيا، ولا سيما مع تدهور الاقتصاد التركي بشكل مضطرد- إذ رجّحت مصادر متطابقة أن يشكّل وزير الخارجية السابق أحمد داوود أوغلو والوزير السابق محمد شمشك وغل حزباً جديداً أو أكثر من حزب.
ويقول باحثون: إن موضوع تشكيل الحزب الجديد طرح خلال العامين السابقين، لكن الأسماء الواردة كانت تنتظر الأرضية المناسبة، ومع الانتخابات البلدية توضّحت الأرضية أكثر، ويضيفون: “إن الرئيس السابق وداوود أوغلو المقرب منه وباباجان والوزير شمشك “يستعدون لتأسيس حزب جديد سيكون في صفوف المعارضة الرئيسة”.
وتعليقاً على مساع عدد من المنتمين لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم لتأسيس حزب جديد، يقول مراقبون: “الجميع يرون جيداً أن تركيا لا تدار بالشكل اللائق.. هناك بعض الشرائح داخل العدالة والتنمية غير راضية بالمرة عن التعيينات التي تتمّ من خلال ممارسات بعيدة كل البعد عن معايير اللياقة والكفاءة”.
وقال باباجان، الذي كان يعتبر حليفاً لأردوغان، وسبق أن شغل مناصب حكومية عدة في تركيا: “كنت أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية عام 2001، لكن في السنوات الأخيرة نشأت فجوة عميقة بين العمل الحقيقي والمبادئ في كثير من أنواع الأنشطة، ما شكّل صدمة كبيرة بالنسبة إلي”، حسب تعبيره.
وأضاف باباجان، الذي سبق أن تولّى مناصب وزير الاقتصاد ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء: إن “العالم تغيّر سريعاً، وباتت تركيا تواجه تحديات كثيرة”، وتابع: “إن تركيا بحاجة في الظروف الراهنة إلى رؤية جديدة للمستقبل، ولا بد من محللين محترفين واستراتيجيين وبرامج جديدة تستجيب لروح الزمن. أنا وكثير من زملائي نشعر بالمسؤولية التاريخية عن القيام بهذا العمل، الذي سيكون ممكناً في حال إشراك كوادر جديدة. وفي هذا السياق يعد استمرار عضويتي في حزب العدالة والتنمية أمراً مستحيلاً، واليوم قدمت استقالتي منه”.
وهذا التطوّر يأتي على خلفية خسارة حزب أردوغان، يوم 23 من الشهر الماضي، انتخابات إدارة بلدية اسطنبول أمام مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، وعلى الرغم من إجراء تصويت معاد إلا أن المرشّح فاز مجدداً، فيما يعتبر أكبر هزيمة سياسية بالنسبة لأردوغان خلال السنوات الماضية، ليدفع به التعنّت إلى وضع العصي في عجلات المشاريع الخدمية داخل البلديات، التي فازت المعارضة برئاستها، وخصوصاً في اسطنبول، ومحاولة تأليب الشارع على رئيس بلدية اسطنبول، من خلال افتعال المشاكل الخدمية داخل المدينة.
يأتي ذلك فيما أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن أردوغان وجّه ضربة جديدة للاقتصاد التركي عندما قرّر إقالة محافظ المصرف المركزي في لحظة حساسة للغاية بالنسبة للبلاد، وأضافت: إن قرار أردوغان “المتهوّر بإقالة محافظ البنك المركزي التركي مراد جتينقايا يوم السبت الماضي يثبت بأنه ليس مستعداً للتخفيف من ميوله الاستبدادية، أو كبح سياساته الاقتصادية غير التقليدية، فها هو مرة أخرى يقوّض بشكل خطير مصداقية مؤسسة حكومية حيوية والسياسة النقدية لحكومته”، مشيرة إلى أنه بعد تعرّض أردوغان لأكثر من خسارة في صناديق الاقتراع خلال الانتخابات البلدية كان عليه توخي الحذر في قراراته ولا سيما تلك المتعلقة بـ “اقتصاد البلاد الهش”.
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم: إن طرد جتينقايا غير قانوني، وهو يأتي في فترة حرجة بالنسبة لاقتصاد تركيا، وآخر شيء يحتاجه الآن هو حادثة أخرى غير ضرورية لضرب المستثمرين وزيادة الضغوط على الليرة المضطربة، التي فقدت العام الماضي نحو 30 بالمئة من قيمتها، وأدت إلى تضخم يزيد على 20 بالمئة، ودفعت البلاد إلى الركود، وأشارت إلى أن هذه الاضطرابات نشأت إلى حد كبير بسبب سياسات أردوغان ورفضه العنيد للقبول برفع أسعار الفائدة من أجل تهدئة الاقتصاد المحموم جراء مخطط الإقراض الهائل لحكومته والذي دفع الأسعار إلى الارتفاع، وأضافت: إن أردوغان لم يكلّف نفسه عناء تقديم تفسير علني واضح لإقالة جتينقايا، الذي كسب ثناء المستثمرين لعدم رضوخه لضغوط أردوغان بخفض أسعار الفائدة قبل الأوان، وختمت بالقول: “إن الرئيس التركي يلعب بالنار، ويخاطر بمنصبه في حال تسبب بالمزيد من انهيار الاقتصاد في البلاد”.