أخبارصحيفة البعث

فرنسا وبريطانيا.. بارود أمريكي

أعلن ترامب عزمه سحب قواته من سورية، وشرع يطلب من شركائه الأوروبيين مساعدته بإرسال عدد من جنودهم إلى سورية ليحلوا محل قواته المنسحبة بذريعة عدم ترك فراغ أمني في المناطق التي يحتلها. في بادئ الأمر عرض الطلب على ألمانيا، إلا أنها رفضت ليكون هذا رفضها الثاني بعدما قالت: لا لواشنطن بمشاركتها الجوية في سورية، ولكن ما رفضته ألمانيا وافقت عليه بريطانيا وفرنسا، أي الانخراط المباشر في الحرب على سورية بعد التورط اللامباشر بتقديم كافة أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية، في محاولة يائسة لزعزعة استقرارها، وإضعاف اقتصادها.

لقد اعتبر بعض المصادر الغربية، الأمريكية حصراً، أن هذا القرار يشكّل انتصاراً كبيراً لفريق الأمن القومي الخاص بترامب، لأنه توصّل أخيراً إلى إقناع فرنسا وبريطانيا بإرسال وحدات عسكرية إضافية إلى سورية بحجة أن تحل محل الأمريكان كي لا تترك فراعاً أمنياً عند انسحابهم، إلا أن الحقيقة الواضحة مغايرة تماماً. إنها الهزيمة النكراء التي منيت بها واشنطن في سورية، ولا يمكن أن تعيشها وحدها، بل هي بحاجة إلى من يحمل معها حمل الهزيمة، وليس هناك أفضل من حلفائها الذين دعموها في مغامرتها السورية. هكذا قرّرت حليفتا أمريكا اللتان لهما قوات خاصة في سورية زيادة عدد القوات بنسبة من 10 إلى  15%، وتفيد المصادر أن واشنطن ستعتمد على دول أخرى قد تحذو حذو النموذج الفرنسي-البريطاني بنشر عدد محدود من الجنود مقابل تعويض مادي تقدّمه لها واشنطن. ففي كانون الأول الماضي، طلب الرئيس الأمريكي من أعضاء الناتو دفع حصتهم من التكاليف العسكرية لعملياتها وتدخلاتها في الدول الأخرى، إلا أنه لم يحصل على المزيد من الأموال من حلفائه الأوروبيين لموازنة إنفاقه العسكري في سورية، لذلك يبدو أنهم وافقوا على إرسال رجالهم بدلاً من  الدفع الكاش.. وبالتالي فإن الجيش الفرنسي يختزل نفسه إلى مرتبة جيش متمم، كما تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن الدول الأخرى، بما في ذلك إيطاليا وبعض دول البلقان، ستكون مستعدة للانضمام إلى التحالف الأمريكي في سورية.

وحول قبول أوروبا الطلب الأمريكي، يشير مراقبون إلى وجود احتمالين: الأول، أنه مازال الأوروبيون يعتقدون أنهم يستطيعون تحقيق ربح مالي من وجودهم في سورية، ويأملون في الحصول على حصة في “مشاريع إعادة الإعمار الأمريكية” في سورية، وهي المشاريع التي تريد لندن وباريس الحصول عليها دون موافقة الحكومة السورية، والفرضية الثانية هي أنه في غياب القوات الأمريكية، فإن الثنائي الفرنسي والبريطاني سيحاول خلق “توازن معين” للقوات مقابل روسيا وإيران. فهل ستكون القوات الفرنسية والبريطانية التي ستنخرط في سورية  كافية لمواجهة الديناميات التي لا رجعة فيها للانتصارات العسكرية المتتالية والمستمرة التي يحققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه في ميادين المعارك، وهل سيكون الجنود الأوروبيون مجرد مكملات إضافية  أو بارود مدفع لخدمة واشنطن؟.

هيفاء علي